سيناريوهات الخطوة التالية بعد الضربات الأمريكية ضد المنشآت النووية الإيرانية
يشكل دخول الولايات المتحدة بشكل مباشر على خط المواجهة العسكرية ضد إيران، عبر الضربة الجوية الدقيقة في 22 يونيو 2025 والتي استهدفت منشآت نووية مركزية، منعطفًا استراتيجيًا في توازن القوى، ويدفع بإيران إلى مفترق حاسم بين احتواء التصعيد أو الذهاب نحو مواجهة مفتوحة، وسط تصاعد التوترات الإقليمية والمخاوف من حرب متعددة الساحات.
الكاتب ستراتيجيكس
- تاريخ النشر – ٢٢/٠٦/٢٠٢٥

دخلت الولايات المتحدة على خط العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد القدرات الإيرانية، في تطور نوعي وغير مسبوق بعد أن نفذت في 22 يونيو 2025، ضربة عسكرية ضد إيران استهدفت ثلاث منشآت نووية مركزية: فوردو، ونطنز، وأصفهان. في عملية نفذت باستخدام قاذفات الشبح الأمريكية B-2 بعيدة المدى وصواريخ توماهوك عالية الدقة. حيث أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن الضربة دمّرت منشآت التخصيب المحصنة بالكامل، لا سيما منشأة فوردو الواقعة في منطقة جبلية شديدة التحصين قرب مدينة قم، باستخدام قنابل خارقة للتحصينات. جاءت هذه الضربة في سياق الهجمات الإسرائيلية الإيرانية المُتبادلة منذ 13 يونيو، وتأتي باعتبارها الحدث الأكثر تصعيداً ضد إيران، وبشكل يُثير مُخاوف إقليمية ودولية بشأن شكل التصعيد المُقبل، خاصة مع التهديدات الإيرانية بالرد، والتي قد تشمل استهداف القواعد والمصالح الأمريكية المنتشرة في الشرق الأوسط. ما قد يُدخل المنطقة في حرب مُتعددة الساحات.
مؤشرات متراكمة ووقائع تمهيدية
جاءت الضربة الأمريكية على المنشآت النووية الإيرانية، في سياق مُتوقع ضمن مسارات العملية العسكرية الإسرائيلية ضد القدرات الإيرانية، والتي بدأت باستهداف قادة الحرس الثوري والعُلماء النوويين، وتوسعت لتشمل القُدرات الصاروخية ومنظومات الدفاع الجوي الإيرانية. وامتد نطاق تلك العمليات من شمال إيران خلال الأسبوع الأول، نحو وسط البلاد وتحديداً أصفهان، مع توقعات بشموله شرق وجنوب البلاد. وتُمثل الضربة الأمريكية منعطفًا حاسمًا في مسار المُفاوضات "شبه المُباشرة" بين الولايات المتحدة وإيران، والتي بدأت أولى جولاتها في 12 أبريل 2024، واستمرت حتى تأجيل الجولة السادسة بعد الضربات الإسرائيلية. قبل أن تشهد بوادر استئنافها في 21 يونيو جولة مفاوضات أوروبية غير حاسمة بين ممثلين إيرانيين وممثلين عن بريطانيا وفرنسا وألمانيا، ولكنها فشلت في الوصول إلى تفاهمات أو إحداث اختراق سياسي فعلي في الملف النووي.
في الواقع، فإن مؤشرات الضربة الأمريكية بدت ملحوظة، مع تكثيف الولايات المتحدة حشودها العسكرية في المنطقة بشكل غير مسبوق، لا سيما من القاذفات الاستراتيجية بعيدة المدى، وتنفيذ ضربات ضد الحوثيين في اليمن، خلال مارس 2025، والتي قُدّرت باعتبارها بداية عملياتية لحرب جديدة ضد إيران. وصولًا إلى مرحلة التحضير المباشر للضربة، حيث رفعت القوات الأمريكية من مستوى جاهزيتها عبر تعزيز انتشار قاذفاتها الاستراتيجية من طرازي B-2 وB-52 في قاعدة دييغو غارسيا الواقعة في المحيط الهندي، أعقبها تحريك حاملة الطائرات "يو إس إس نيميتز - USS Nimitz" من بحر الصين الجنوبي إلى بحر العرب. كما تم رفع حالة التأهب في عدد من القواعد الأمريكية الرئيسة ضمن نطاق مسؤولية القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM)، إلى جانب تعزيز القدرات الدفاعية في تلك القواعد. بالتزامن مع تقارير عن إخلاء جزئي للعاملين غير الأساسيين في بعض المواقع العسكرية والدبلوماسية الأمريكية، تحسبًا لاحتمال تعرّضها لهجمات انتقامية إيرانية، وهو ما اعتُبر مؤشرًا ميدانيًا واضحًا على اقتراب مواجهة وشيكة ذات طابع استراتيجي واسع. ترافقت هذه الإجراءات، مع تصعيد الخطاب الأمريكي ضد البرنامج النووي الإيراني، وتهيئة الرأي العام الداخلي والعالمي لاحتمالية التحرك عسكرياً ضده، فقد صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 19 يونيو، أن إيران أصبحت على بعد خطوات من صنع سلاح نووي، مشيرًا إلى أن الوقت ينفد، ولديه أسبوعان فقط قبل اتخاذ إجراءات عسكرية حاسمة.
التباين في التصريحات حول الأضرار
تركز الحديث بعد الضربة الأمريكية على نتائجها وتأثيرها، فقد اعتبرها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب "ناجحة للغاية"، مؤكدًا القضاء الكامل على المنشآت النووية الثلاث، وقد أكد رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة دان كين أن التقييم الأولي يُظهر ضرراً جسيماً لحق بالمنشآت الإيرانية المستهدفة. في حين أقرت إيران بالهجوم، لكنها قللت من حجم الأضرار، خصوصًا تلك التي لحقت بمنشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم، فقد صرح مستشار رئيس البرلمان الإيراني بأن المواقع قد أُخليت منذ وقت طويل، وأن الأضرار "قابلة للإصلاح" ولا ترقى إلى مستوى الخسائر الكارثية.
من الواضح، أن ذلك التباين في المواقف بشأن حجم الأضرار بين الطرفين، ينبع من اختلاف جوهري في منهجية التقييم؛ إذ تركز الولايات المتحدة على حالة استهداف البنية التحتية النووية المحصنة ذاتها، والتي من المُرجح للغاية تضررها بشدة نتيجة لاستخدام الولايات المتحدة قنابل قوية خارقة للتحصينات من فئة GBU-57 البالغ وزنها 13.5 ألف كيلوغرام، وبرأس حربي يزن 2.700 كيلوغرام، وقادرة على اختراق حوالي 18 مترًا من الخرسانة المسلحة.
نظريًا، يُتيح إسقاط قنابل متتابعة التوغل بشكل أعمق داخل المنشأة، وتشير التقارير إلى أن الولايات المتحدة استخدمت في ضربتها لمنشأة فوردو ست قنابل، بوزن إجمالي يُقدّر بنحو 82 ألف كيلوغرام، وهو ما يُرجح وصولها إلى أعماق المنشأة المحصنة تحت الأرض، أو على أقل تقدير تراكم الدمار فوق البنية المادية والتقنية للمفاعل ما يعني تضررها وتعذر الوصول إليها. ومن هذا المنظور، فإن نفي تضرر المنشأة بشكل كبير قد لا يكون دقيقًا، خاصة أنها مصممة لمقاومة القنابل التقليدية، وليس القنابل الخارقة للتحصينات. إلا أن تأكيد حجم الضرر الفعلي يستدعي تنفيذ عمليات إزالة ركام شاملة ومعقدة، للوصول إلى المرافق العميقة تحت الأرض، الأمر الذي قد يتطلب أسابيع ورُبما أشهراً لتقييمه.
في المقابل، تُركّز إيران في تقييمها الظاهري على جوانب أخرى، أبرزها الأصول النووية من مخزونها لليورانيوم المخصب وعالي التخصيب ورُبما أجهزة الطرد المركزي الأكثر تطوراً من طراز IR-6 حيث أعلنت أنها قامت بإخلاء المواد الحساسة من المواقع النووية الثلاثة المستهدفة قبيل الضربة، في محاولة واضحة لتقليل الخسائر الاستراتيجية وتقليص المخاطر النووية المباشرة. وفي مؤشر على ذلك، أظهرت تقارير وصور للأقمار الصناعية بعد انتهاء الضربة الأمريكية، رصدها تحركات لنشاط غير عادي لشاحنات نقل متخصصة في محيط منشأة فوردو قبل تنفيذ الضربة بيومين؛ كمؤشر على نقل طهران لمواد اليورانيوم عالي التخصيب. ويُعد هذا أحد العوامل التي ساهمت في تجنّب كارثة إشعاعية وبيئية كان من الممكن أن تتجاوز تداعياتها حدود الأراضي الإيرانية، حيث أكدت كل من إيران، والمملكة العربية السعودية، والوكالة الدولية للطاقة الذرية، عدم تسجيل أي ارتفاع في مستويات الإشعاع عقب الهجوم. وهو ما قد يشير إلى احتمال وجود اتصال استخباراتي أو دبلوماسي غير مباشر وغير معلن بين الطرفين، كتحذير أمريكي أمني لتفادي حدوث تسرب إشعاعي، مما يعزز فرضية أن واشنطن أرادت إرسال رسالة ردعية في ضربة حاسمة ومدروسة لتجنب كارثة إنسانية.
سيناريوهات الخطوة التالية
تضع العملية العسكرية الأمريكية الأخيرة إيران أمام مفترق حاسم بين خيارين رئيسين:
يتمثل الخيار الأول: في احتواء الضربة والعمل على إنهاء الحرب والتهدئة التدريجية ميدانياً، تفاديًا لتصعيد شامل يهدد استقرار النظام وبقائه، إذ تُدرك طهران اليوم أنها فقدت القدرة على الردع أو تقديم ردٍّ مكافئ لحجم الضربات، سواء على المستوى العملياتي، بعد خسارتها لدور أذرعها في الإقليم، وفي مقدمتهم حزب الله اللبناني، أو نتيجة الاتفاق الحوثي–الأمريكي الذي أبرم في مارس 2025، وقضى بوقف متبادل للهجمات. كما أن الرد الإيراني المحدود على الضربات الإسرائيلية داخل أراضيها، رغم كشف طهران عن صواريخ نوعية قادرة على اختراق منظومات الدفاع، لم يُحقق ردعًا استراتيجيًا فعليًا، في وقت استمرت فيه إسرائيل بتنفيذ عملياتها بدقة ضد بنك أهدافها المحدد مسبقًا، الأمر الذي مهّد الطريق أمام واشنطن للتدخل المباشر عبر استهداف المنشآت النووية.
أما الخيار الثاني: يتمثل في ذهاب إيران نحو التصعيد، وذلك وفق سيناريوهين اثنين بناء على ترتيب الأولويات الإيرانية الداخلية، وهي فصل الهجمات الأمريكية عن إطار المواجهة الأساسي مع إسرائيل، أو الرد باعتبار الضربات الأمريكية والإسرائيلية جبهة قتال واحدة ضدها.
السيناريو الأول: فصل الهجمات الأمريكية عن إطار المواجهة الأساسي مع إسرائيل
يعني ذلك أن الرد الإيراني ضد الهجمات الأمريكية سيأتي مُنفصلاً عن هجماتها اليومية في إطار المواجهة مع إسرائيل، إذ يُرجح أن توجه إيران ضربات محدودة، ورُبما رمزية ضد القواعد والمصالح الأمريكية، وبشكل لا يستدعي انخراطاً أمريكياً أوسع في المشهد، على غرار ردها الانتقامي عام 2020، بعد اغتيال الولايات المتحدة لقائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، عندما استهدفت قاعدة عين الأسد التي تضم قوات أمريكية في شمال العراق.
وهو ما يُرجّح أن تتجنب إيران استهداف القواعد الأمريكية المنتشرة في المنطقة، خاصة تلك الواقعة في الدول العربية التي تسعى طهران إلى الحفاظ على علاقاتها الدبلوماسية معها، في ظل ظروفها الراهنة، سواء على مستوى التهدئة أو جهود الوساطة. وعليه، فإن خيارات الرد الإيراني على القوات الأمريكية قد تتجه نحو البحث عن أهداف لا يُحتمل أن تجلب تدخلًا إقليميًا واسع النطاق، كما هو الحال في العراق أو سوريا، وربما تُوجَّه الضربات نحو قوات أمريكية تقع ضمن نطاق مسؤولية القيادة العسكرية الأميركية في إفريقيا (AFRICOM)، لتفادي تصعيد مباشر في الشرق الأوسط. وقد تذهب إيران إلى تهديد التجارة الدولية في مضيق هرمز عبر استهداف السفن المرتبطة بالولايات المتحدة، أو السيطرة عليها، لكن دون تعطيل حركة الملاحة في المضيق، حتى تتجنب تغير موقف حلفائها تجاهها جراء تداعيات الإغلاق الكامل للمضيق عليهم وفي مقدمتهم الصين.
وفي هذا السيناريو، قد تستمر المواجهات الإيرانية الإسرائيلية بعيداً عن التدخل الأمريكي المحدود في أهدافه باستهداف المنشآت النووية. من خلال استمرار إيران في اتباع تكتيكها العسكري القائم على عرقلة وتيرة التصعيد الإسرائيلي ضدها، حيث شنّت في صبيحة اليوم ذاته للهجمات الأمريكية، هجومًا صاروخيًا استهدف شمال ووسط إسرائيل بنحو 40 صاروخًا، ضمن الموجة العشرين من عملية "الوعد الصادق 3". ومع ذلك، فإن الضربات الأمريكية قد تدفع طهران إلى زيادة الضغط العسكري على إسرائيل، سواء من خلال تنفيذ ضربات نوعية أكثر دقة وتأثيرًا، أو عبر إدخال منظومات صاروخية متقدمة في هجماتها القادمة. وقد كشفت الضربة الأخيرة بالفعل عن تحول نوعي في هذا الاتجاه، حيث استخدمت إيران صاروخ "خيبر" للمرة الأولى، وهو صاروخ يحمل رأسًا حربيًا بوزن 2 طن، ويتميز بقدرة عالية على المناورة.
ويأتي ذلك لتجنب تداعيات جر الولايات المتحدة بكامل ثقلها إلى العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد إيران، ويتعزز هذا السيناريو بأن أصبحت أولوية الحفاظ على أمن النظام الإيراني وبقائه وأمن إيران القومي، في هذه المرحلة المُعقدة والحساسة، أعلى في مُستوياتها من الذهاب نحو تصعيد غير محدود قد يترتب عنه توسيع الأهداف الإسرائيلية والأمريكية نحو تغيير النظام أو تقويض سيطرته الداخلية، باستمرار استهداف المصالح الإيرانية الوطنية.
من جهة أخرى، لا تزال إيران تحتفظ ضمن حساباتها الاستراتيجية بإمكانية إبقاء باب التفاوض مفتوحًا مع الولايات المتحدة بشأن الأصول النووية التي ما زالت تُحافظ عليها، وعلى رأسها مخزون اليورانيوم المخصب؛ كالتفاوض حول احتفاظ إيران بهذا المخزون إما في أراضي دولة ثالثة كما جاء في مقترح ويتكوف الذي رفضته طهران أثناء المحادثات الأخيرة مع واشنطن، أو السماح لها ببقاء البرنامج داخل إيران نفسها، ولكن بإشراف رقابي مباشر من طرف ثالث قد يكون أوروبيًا، بما يُبقي على الحد الأدنى من المكاسب ضمن العتبة السلمية (3.76).
السيناريو الثاني: الرد باعتبار الضربات الأمريكية والإسرائيلية جبهة قتال واحدة ضدها
إن دمج إيران ما بين الضربات الأمريكية والهجمات الإسرائيلية في جبهة واحدة، يعني توجه البلاد لإعلان حالة الحرب والطوارئ، بما يشمله ذلك من توجيه مقدرات البلاد وإمكانياتها البشرية لخدمة الأغراض العسكرية، وفرض الأحكام العُرفية، خاصة وأن استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية لما بعد الضربة الأمريكية يعني أن أهداف إسرائيل قد توسعت لما بعد إنهاء البرنامج النووي، بتقويض قُدرات النظام من الحفاظ على تماسكه الداخلي، في وقت تُعاني فيه البلاد من عمليات اختراق واسعة سهلت على إسرائيل تنفيذ ضرباتها في العُمق الإيراني واستهداف قادة بارزين في صفها العسكري القيادي، وسط مخاوف أن تكون تلك الاختراقات قد شملت البُنية السياسية في البلاد، وأن الأهداف الإسرائيلية والأمريكية مُتكاملة في اتجاه شل قدرات النظام العسكرية والنووية والأمنية.
ضمن هذا السيناريو، قد تتجه إيران لاتخاذ إجراءات تصعيدية تشتمل على توجيه ضربات عسكرية تستهدف القواعد الأمريكية في المنطقة، كدول الخليج، أو مُشاركة أذرعها في المنطقة خاصة ممن حافظ نسبياً على قُوته، مثل الحوثيين في اليمن، والفصائل المسلحة العراقية، والتي تنشط على تماس قريب من الوجود العسكري الأمريكي, وقد تتضمن الخيارات الأخرى الذهاب نحو إغلاق مضيق هرمز أو تعطيل الملاحة فيه أو زرعه بالألغام البحرية، التي يستغرق إزالتها سنوات عدة، ما يؤدي إلى تعطيل كامل لحركة التجارة عبر المضيق التي تبلغ أكثر من 20% من إجمالي تجارة النفط والغاز العالمية المنقولة بحراً بشكل يومي، و22% من السلع الاستراتيجية الأساسية، وفي إطار التلويح الإيراني بذلك وافق البرلمان الإيراني على غلق مضيق هرمز بعد التعرض للضربات الأمريكية، إلّا أن القرار النهائي بشأن التنفيذ مرهون بموافقة أعلى هيئة أمنية، وهي مجلس الأمن القومي الإيراني. وضمن هذا السيناريو، يرجح أن تتجه إيران إلى توجيه ضربات استراتيجية ونوعية ضد الأهداف المرتبطة بالطاقة والبتروكيماويات بشكل مُباشر ضد إسرائيل، وغير مباشر ضد المصالح الغربية والعربية من منشآت الطاقة في إسرائيل.
وأخيرًا، فإن خيارات إيران وسيناريوهات ردها المحتملة تنطوي على سلسلة من التداعيات التي تُهدد استقرار النظام السياسي ذاته. إذ إن احتواء الضربة الأمريكية دون رد يُوازيها قد يُعرض النظام لموجة مساءلة شعبية داخلية، ويُضعف موقعه في مواجهة المعارضين والمنتقدين، ممن قد يرونه عاجزًا عن الدفاع عن السيادة الوطنية. أما الاتجاه نحو تصعيد شامل، فإنه يحمل في طياته مخاطر استراتيجية أكبر، على رأسها احتمال توسّع التدخل العسكري الأمريكي في الداخل الإيراني، وهو ما قد يُفضي إلى تهديد وجودي للنظام. وفي كلا الحالتين، يبدو أن النظام السياسي الإيراني يمرّ بإحدى أكثر لحظاته "المصيرية" منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية، في ظل توازن هش بين الردع والانكشاف، وبين البقاء والتغيير القسري.

ستراتيجيكس
فريق تحليل السياسات