ماذا حدث؟
في الثالث من نوفمبر وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى الشرق الأوسط في زيارة هي الثالثة منذ اندلاع الحرب بين حركة حماس وإسرائيل في 7 أكتوبر، وتضمنت جولته إسرائيل والأردن ورام الله وتركيا والعراق، والتي أعقبتها زيارة مفاجئة لمدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية بيل بيرنز، إلى إسرائيل ومصر في 5 نوفمبر.
نظرة عن كثب:
تأتي زيارات المسؤولين الأمريكيين إلى المنطقة مع دخول الحرب شهرها الثاني، وفي ظل مخاوف من توسع رقعتها وتعدد جبهات الاشتباك، وفي صعوبة تحقيق إسرائيل لأهدافها المعلنة رغم تكثيفها الهجمات البرية والبحرية والجوية، واستمرار هجمات الفصائل الفلسطينية ضد الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، وضد المدن والمستوطنات الإسرائيلية. وبالرغم من تطورات الجبهة وصعوبة التنبؤ بنتائجها، إلا أن المشهد الدولي والإقليمي آخذ بالضغط نحو وقف إطلاق النار والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى سكان القطاع. في الوقت نفسه، بدأ الشارع الإسرائيلي بتكثيف تفاعله بشأن استعادة الأسرى والرهائن، وبدأ يشعر بتكاليف الحرب المرتفعة وتداعياتها الاجتماعية، بالإضافة إلى زيادة الاحتقان في الضفة الغربية ما يُبقيها مرشحة للتصعيد في أي لحظة.
ونتيجة لهذه الظروف التي لا تصب في صالح إسرائيل أو الولايات المتحدة أو دول المنطقة، فإن الساحة الدبلوماسية تشهد حراكاً لافتاً، لتشبيك المواقف بين الدول المعنية وتأكيد رسائل الردع لإيران وجماعاتها، من أجل عدم توسيع رقعة الحرب، بالتزامن مع مسار أمني من أجل صياغة المرحلة القادمة بشكل استراتيجي يصب في صالح التمهيد لترتيبات دائمة وبشكل يتكامل مع الحراك الدبلوماسي.
نقطة انعطاف!
إن زيارة بلينكن إلى العراق، وبحماية من قوة دلتا الأمريكية الخاصة، تشير إلى أهمية هذه الزيارة بالرغم من المخاطر المرتبطة بها، لكن الأهم أنها زيارة جاءت لتأكيد قوة الردع الأمريكية تجاه حقيقة أن المرحلة القادمة قد لا تلقى قبول كافة الأطراف في الشرق الأوسط، وحملت رسالة من واشنطن مفادها أن المهم في هذه اللحظة هو وقف إطلاق النار في غزة، وكان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني قد نقل تلك الرسالة إلى طهران أثناء زيارته لها يوم السادس من نوفمبر ولقاءه بالمرشد الإيراني علي خامنئي، وهو ما أكده وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان.
تتمثل نقطة الانعطاف، في بدء الولايات المتحدة بترتيبات ما بعد الحرب، عبر توزيع المهام وتنسيق الجهود وتشبيك المواقف، وبشكل يضفي إلى تحييد مخاطر تكرار هجمات 7 أكتوبر، وضمان انتقال سياسي للحكم في قطاع غزة، وهي خطوات تتطلب شراكة اقتصادية وأمنية مع الدول العربية المعنية ومع السلطة الفلسطينية، وضرورة منح السلطة الجديدة الشرعية والموارد اللازمة لممارسة أنشطتها وإعادة إعمار قطاع غزة وتفادي حدوث فراغ أمني وفوضى في مرحلة ما بعد الحرب.