من كورونا إلى أوكرانيا... هل نجا العالم من الوباء ليدخل حرباً نوويّة؟
لم تأت أزمة أوكرانيا بعد انتهاء الوباء أو انحساره بشكل تام، بل كان العالم ما يزال مشغولاً بالكشف عن متحورات كورونا الجديدة وتطوير اللقاحات المناسبة ومقاومة هذه الجائحة، ورغم ذلك انتقل الاهتمام –بغالبيته العظمى– من تتبع كورونا إلى تتبع المعارك في أوكرانيا، وهي الحرب الأولى من نوعها والتي لم يشهد العالم لها مثيلاً منذ الحرب العالمية الثانية، نظراً لتوسع مساحتها وحجم الأضرار الناجم عنها سواء داخل أوكرانيا أم خارجها.
الكاتب حسن إسميك
- تاريخ النشر – ٠٤/٠٤/٢٠٢٢
في التاسع من شهر مارس/ آذار الجاري، خرج رئيس منظمة الصحة العالمية تيدروس غيبريسوس ليقول للعالم أن "الجائحة" لم تنته بعد، وذلك بعد عامين تماماً من استخدامه ذلك المصطلح لأول مرة لإيقاظ العالم على التهديد الناشئ لـ Covid-19. لكن العالم هذه المرة لم ينتبه، فأنظاره موجهة ومركزة على مكان آخر وحدث آخر، على الحرب الدائرة في قلب أوروبا، نتيجة "العملية العسكرية" التي شنتها القوات الروسية على أوكرانيا. ولو كان الوباء يقاس بمقدار ما يخصص له من اهتمام، فيمكن دون مبالغة أن نقول إن كورونا انتهى مع أول صاروخ أطلق من روسيا نحو أوكرانيا، ومعه تحول اهتمام العالم كله، سياسييه ودبلوماسييه وإعلامه، من تغطية عمرها عاميين تدور حول جميع القصص المتعلقة بـ Covid إلى التركيز الآن على كل تطور صغير في أوكرانيا التي تشهد واحداً من أسوأ الصراعات في تاريخ أوروبا المعاصر.
أكثر من 6 ملايين إنسان راحوا ضحية الفيروس ومتحوراته، لم تكن كافية لصد شهية العالم عن الحرب، ولا لوقف نهمه لمتابعتها والاهتمام بأصغر تفاصيلها، اختفت تقريباً كل الضجة العالمية حول فيروس كورونا، والتكهنات والتفسيرات المتعددة ونظريات المؤامرة حول "أصل الفيروس". لقد انتقل العالم خلال عامين بعدة مراحل، أولها السباق المحموم بين الدول لتأمين الأدوات الطبية اللازمة (كمامة + أجهزة تنفس ثم اللقاح) والتي شهدت حصول انقسامات ونشوء عداوات بين دول الاتحاد الأوروبي (فرنسا وإيطاليا مثلاً)، او بين أمريكا والصين –بطبيعة الحال، وغيرها. وظلت الأمور تتصاعد بشأن كورونا في جميع أنحاء العالم إلى أن تم إيجاد اللقاح، والذي كشف بدوره عن تفاوتات كبيرة بين دول العالم، الغنية منها والفقيرة، وعن تراجع كبير في القيم الإنسانية والأخلاقية، إذ ساد العمل بالمبدأ القائل: "اللهم أسألك نفسي"، باستثناء الصين ربما التي حاولت أن تنفي عن نفسها وسم "المسبب" للوباء، وبعض الدول كالإمارات العربية المتحدة التي وزعت المساعدات الطبية على جميع أنحاء العالم تقريباً.
لم تأت أزمة أوكرانيا بعد انتهاء الوباء أو انحساره بشكل تام، بل كان العالم ما يزال مشغولاً بالكشف عن متحورات كورونا الجديدة وتطوير اللقاحات المناسبة ومقاومة هذه الجائحة، ورغم ذلك انتقل الاهتمام –بغالبيته العظمى– من تتبع كورونا إلى تتبع المعارك في أوكرانيا، وهي الحرب الأولى من نوعها والتي لم يشهد العالم لها مثيلاً منذ الحرب العالمية الثانية، نظراً لتوسع مساحتها وحجم الأضرار الناجم عنها سواء داخل أوكرانيا أم خارجها.
ومع دخول الحرب شهرها الثاني وازدياد عدد اللاجئين والدمار في أوكرانيا، يزداد التصعيد والضغوطات الغربية على روسيا، فالدول الأوروبية التي كانت منقسمة على بعضها بشأن كورونا توحد صوتها بشأن أوكرانيا، وفتحت أبوابها للاجئين الأوكران، وجمعت المساعدات المالية السخية، وتشاورت في تجنيد المقاتلين الأجانب من الجهتين الذين دخلوا أرض المعركة، وتم تزويد أوكرانيا بالعتاد والسلاح ودعمها بطرق وبإمدادات غير محدودة، ورفعت أمريكا صوتها عالياً –ومعها الناتو– لتقول: "من لم يكن معنا فهو ضدنا"، ولم تكن النتيجة قطبين واضحين بل انقسم العالم إلى ثلاثة أقسام:
- الأول يتضمن أوكرانيا ومعها الغرب (الأمريكي والأوروبي)، وكل الدول المؤيدة والداعمة لها في حربها، وهو القسم الأكبر إذ يضم نحو 70% من دول العالم، وتتبنى كلها النهج الغربي في فرض العقوبات على روسيا.
- الثاني يتكون من الدول المؤيدة للحرب والداعمة لروسيا، ولا يزيد عدد هؤلاء عن نحو 10% من دول العالم، ناهيك عن كونها دولاً صغيرة وذات تأثير دولي محدود للغاية.
- أما القسم الثالث فيتألف من مجموعة الدول التي ما زالت في المنطقة الرمادية (سواء أكان الخط الثالث خياراً لها أم اضطراراً أجبرت عليه)، عدد الدول في هذه المنطقة الرمادية ليس كبيراً، ولا يتجاوز نحو 20% من مجمل دول العالم، لكنها في الغالب دول وازنة عالمياً ويمكن أن تُحدث تغييراً في مسيرة هذا الانقسام والتعبئة العامة ضد روسيا، كونها فاعلة وذات ثقل اقتصادي يمكن أن تؤثر سلباً أو إيجاباً على روسيا. وأهم هذه الدول: الصين في المقدمة ثم الهند وباكستان واسرائيل، وبعض الدول العربية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية والإمارات.
لا بد هنا من المرور على بعض مواقف تلك الدول، والبداية حكماً ستكون من الصين التي تجد نفسها اليوم في موقع حرج وحساس، لا تُحسد عليها، ولا أظنها أرادت الوصول إليه أصلاً، فهو يتناقض مع كل خططها القائمة على الغموض والهدوء البنّاء والنفس الطويل. لا نبالغ إذا قلنا إن موقف بكين قادر على تغيير مجرى الأحداث، في أوكرانيا وفيما يتجاوزها، لكن إلى أين؟
وحيث أن المعارك الروسية تبدو متعثرة بشكل كبير في أوكرانيا، وذلك بحسب إفادات شهود عيان تواجدوا في الميدان (المقاتلين الأوروبيين الذين عادوا من المعارك) وبحسب صور الأقمار الاصطناعية التي ترصد أرض المعركة، فالنبأ الذي تناقلته وسائل الإعلام عن طلب روسيا من الصين مساعدات حربية واقتصادية قد يكون صحيحاً رغم إصرار الصين على نفيه. كل هذه مؤشرات على تعثر حرب روسيا وبالتالي حاجتها إلى المساعدة، فهل تُقدم الصين على مساعدة "الحليف الاستراتيجي" الجديد كما سمي في "الاتفاقية اللامحدودة".
تقف الصين اليوم بلا شك على حبل مشدود، وتشتعل النار من تحتها مستعرة هائجة، وحتى لو صدقت التنبؤات التي تقول بأن زيارة بوتين لبكين في الرابع من فبراير/ شباط الماضي، لم تكن لمجرد حضور افتتاح الأولمبياد الشتوية، بل لاطلاع نظيره الصيني على نيته بدء "عملية عسكرية" في أوكرانيا، إلا أني أكاد أجزم بأن الصين لم تتوقع أن يصل الأمر إلى ما وصل إليه. وإذا لم يفاجئها فعل الغزو الروسي، فقد فاجأتها حكماً شراسة المقاومة الأوكرانية، ومستوى الاتحاد الذي أظهره الناتو والغرب عموماً، ومستوى الرعب الذي ساد العالم نتيجة صور الضحايا. أضف إلى ذلك أنه لم يكن خافياً على القيادات الصينية أن رياح الغزو لم تكن تجري كما تشتهي السفن الروسية، وبالتالي ازدادت عزلة روسيا ومحاصرة بوتين عالمياً، الأمر الذي لا تريده الصين على الإطلاق.
أي مبتدئ في السياسة يعرف أن الصين تقف اليوم في المنطقة الرمادية مكرهة، لأن الخيارين الآخرين أحلاهما مر، ولو عاد الأمر لبكين، لاختارت ألا تكون الحرب من أساسها، فقبل كل شيء تُعدُّ أوكرانيا في حد ذاتها شريكًا تجاريًا مهمًا للصين، مع أكثر من 15 مليار دولار من التدفقات التجارية الثنائية في عام 2020. كما تعد الدولة أيضًا بوابة حيوية لأوروبا وشريكاً رسمياً في مبادرة الحزام والطريق، أهم أدوات بكين الجيوسياسية. ولو كان القرار بيد القيادة الصينية لاختارت أن تحافظ على علاقات قوية مع موسكو، وتحمي علاقتها التجارية مع أوكرانيا، وتبقي الاتحاد الأوروبي في مدارها الاقتصادي، وتتجنب زيادة العقوبات الأمريكية والاتحاد الأوروبي على موسكو، كل ذلك مع منع علاقاتها مع الولايات المتحدة من التدهور بشكل كبير.
هذا هو المأمول هناك في بكين، لكن ما هو الممكن؟
إذا صرحت الصين علناً بالوقوف إلى جانب روسيا سوف تخسر أسواقها الأمريكية والأوروبية، فتخلق لنفسها أزمة في العلاقات مع الغرب. وإذا أرادت إدانة الحرب الروسية، ولم تقدم المساعدات لروسيا فإن هذه الأخيرة سوف تؤثر لاحقاً على الصين العدو التقليدي سواء من خلال مبيعات النفط أو دعمها السياسي بشأن تايوان وضد أمريكا.
وفي الوقت نفسه ليس في صالح الصين أن تخسر روسيا الحرب، لأن هذه الخسارة قد تؤدي لارتدادات دراماتيكية خطيرة، منها مثلاً حركة انقلابية في الجيش وإلقاء القبض على بوتين وسيادة الفوضى في الاتحاد الروسي، وربما تقوده إلى التفكك نظراً للأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها المواطن الروسي... وكل هذه الأحداث سوف تؤدي إلى انسحاب روسيا من الساحة الدولية كقطب عالمي ذي تأثير واسع، ما يجعل الصين في موقف صعب، وتصبح غير قادرة بمفردها على مواجهة أمريكا التي سوف تعمل على استبعادها وإزاحتها من قطبية العالم، فتكون قد "أُكلت حين أُكل الثور الأبيض"!
إذن فخيارات الصين هي إما أن تقف إلى جانب روسيا، وتغضب أمريكا ومعها الغرب ويطبق عليها الحصار الاقتصادي، وتتعرض للمزيد من الضغوطات الاقتصادية في الأسواق الأوروبية، أو أن تدين الحرب الروسية وتقف إلى جانب أمريكا، وترفض تزويد روسيا بالمساعدات وتخسر حليفها الجديد، وربما سيؤدي هذا الموقف إلى انهيار روسيا في حالة خسارة الحرب. حالياً ما تزال تصريحات الخارجية الصينية تحمل طابع الحيادية، مع الميل إلى حد ما نحو روسيا، ولا أظن أنها ستتغير كثيراً في الأيام القادمة، بل ستحافظ الصين على موقفها هذا أملاً بأن تغير تطورات الأزمة، وردود الفعل العالمية عليها، من واقع الحال شيئاً بما يسمح للصين بتحصيل أكبر قدر من المصالح.
لقد أدت الإجراءات الروسية إلى توحيد الناتو في أوروبا، ودفعت أيضاً إلى تعزيز الوحدة والتنسيق والتعاون بين الأطراف الآسيوية. وتشمل هذه دول إطار العمل الأمني الرباعي الذي يتكون من الولايات المتحدة واليابان والهند وأستراليا، بالإضافة إلى دول مثل كوريا الجنوبية وسنغافورة وفيتنام والفلبين وتايلاند وإندونيسيا.
الهند وحدها من بين تلك الدول لم تعلن موقفاً معادياً لروسيا، بل أعلنت على الهواء مباشرة شراء 3 ملايين برميل من النفط الروسي، موقف قد ينبع في المدى القصير من الرغبة في تجنب حرق الجسور كلها مع روسيا، فلطالما ارتبطت نيودلهي بعلاقات جيدة مع الاتحاد السوفيتي وثم مع روسيا ومازال الكثير من أسلحتها روسية. لكن وعلى المدى الطويل، سيتأثر موقف الهند بتعاطي كل من الصين والولايات المتحدة مع الأمن الآسيوي، هل ستحاول الصين ضم تايوان، أو هل ستعاقب أمريكا فعلاً من لا يقف معها اليوم ضد روسيا. ونحن نعلم أن باكستان بدورها رفضت الضغوطات الغربية، واعتبرت أن العقوبات سلاح عقابي مرفوض، ويجب عدم تسيس العلاقات الاقتصادية الدولية. السؤال هنا: هل يمكن مثلاً أن تتبع أمريكا سياسة التصادم، خاصة بين باكستان والهند، وتفجر لديهم قضية كشمير الخلافية، ليتسابق كل طرف منهم باتجاه الغرب باعتبار أن روسيا منشغلة في حربها في أوكرانيا، والصين مترددة خائفة؟
وفي الشرق الأوسط تتصدر إسرائيل قائمة الدول المترددة، فهي تقف في منتصف الطريق، وحريصة على عدم إزعاج أي من الأطراف، الأمريكي والروسي، ليست مدفوعة برغبة بإنهاء الحرب، أو إجراء وساطة مقبولة من الطرفين (كما هو الحال بالنسبة للإمارات أو السعودية)، بل يبدو أن نيتها ترقب ما سيحصل وإلى أي الطرفين ستميل الكفة في النهاية خاصة وأن نتائج الحرب الأوكرانية تؤثر على عدوها الأول إيران، وقد تسرع بعودة هذه الأخيرة إلى الحظيرة الدولية وإلى السوق العالمية من بوابة الاتفاق النووي، الأمر الذي قد يخلق شرخاً بين موسكو وطهران (إذا لم يكن موجوداً بالفعل)، وقد يؤثر كثيراً على تحركات المليشيات التابعة لإيران في المنطقة، خاصة في سوريا حيث تولت موسكو إلى الآن ضبط التحركات الإيرانية فيها، ومن المتوقع أن ينتقم الإيرانيون، خاصة وأنهم يلومون روسيا على سماحها المستمر لإسرائيل باستهداف قواتهم ومواقعهم في سوريا.
ستظل مواقف كل تلك الدول رهينة للتطورات التي ستشهدها عملية بوتين في أوكرانيا، والكيفية التي سينزل فيها عن الشجرة هناك، والتي ستتجلى غالباً في إعلان أنه كسب الحرب، من خلال تحقيق أهداف العملية العسكرية (التي لم يُعلن إلا السياسي منها)، أضف إلى ذلك أن جملة واسعة من الأسئلة ستظل مطروحة أيضاً، فكيف وبأي معنى يمكن القول إن روسيا كسبت الحرب، هل تطويق المدن وحصارها من أجل الضغط في المفاوضات هو كسب للحرب؟ وهل تستجيب أوكرانيا لمطالب روسيا إذا توقفت الحرب عند تطويق المدن وحسب، وإلى متى تستطيع روسيا تحمل تكاليف الحرب الباهظة بشرياً واقتصادياً، ولا سيما إذا وقعت في وحل حرب العصابات، ونحن نشاهد أحدث الأسلحة وأكثرها تطوراً تورد إلى أوكرانيا من أجل دحر روسيا؟ وهل سينهار الجيش الروسي الذي بدأ يعاني نفسياً من طول الحرب وحجم الخسائر التي وقع فيها؟
إن نظرة فاحصة للصيرورة التاريخية التي صنعها تلاحق الأحداث منذ الحرب العالمية الأولى (نقطة التحول الجذري للتاريخ السياسي المعاصر) ثم انقسام العالم لمعسكرين -غربي وشرقي- وقيام الحرب الباردة، مروراً بانهيار الاتحاد السوفياتي وانطلاق عصر العولمة، وصولاً إلى ما نشهده اليوم من تكتلات واستقطابات وانقسامات وضغوطات واصطفافات على الساحة الدولية بسبب حرب أوكرانيا.. إن تعاقب هذا كله يمثل من منظور المنطق الديالكتيكي جملة كبيرة من التغيرات الكمية التي ستؤدي بالضرورة إلى تغيرات كيفية حتمية ستحدث تحولاً جذرياً في الواقع العالمي اليوم، ومع أنه لا يقين بعد عمّا سيكون عليه هذا التحول، غير أن المؤكد أنه سيسير في أحد اتجاهين: اما حرب نووية يخسر فيها الجميع، أو انتصار روسي.
ورغم الاستبعاد العملي للحرب النووية وإمكان نشوبها نظرياً، ينبغي التذكير أن مقدمات أزمة اليوم، والتي بدأت منذ عقد ونصف تقريباً، وذلك حين مثل توجه الناتو نحو توسع نفوذه شرقاً مصدراً لاستفزاز بوتين وقلقه (وهذا ما عبّر عنه خطابه في ميونخ 2007). ثم تفاقمت الأوضاع مع اندلاع أعمال العنف وثورة 2014 في كييف، لتصل الأمور إلى التدخل العسكري الروسي في فبراير/ شباط 2022. والآن بعد مضي أكثر من شهر على الحرب وعجز روسيا عن تحقيق الإنجازات التي كانت تأملها، بالإضافة للخسارات الكبيرة، سواء العسكرية التي لحقت بالجيش الروسي في الأرواح والمعدات، أو الاقتصادية والسياسية المتمثلة في عقوبات دولية قاسية وغير مسبوقة على موسكو، يقابلها في الوقت ذاته دعم كبير بالسلاح والعتاد لأوكرانيا من قبل أوروبا وأمريكا، والذي يمثل بحد ذاته خطوة "إعلان حرب" غربية ضد روسيا، سيضع الأخيرة على حافة الانهيار بعد الأضرار الجسيمة التي تكبدتها جراء كل هذه الإجراءات الغربية، والتي بدأت ملامحها تتوضح بحالة السخط والتذمر بين المواطنين الروس، وحالة إحباط وياس الجنود على جبهات القتال. لا يمكن مع هذه المقدمات كلها استبعاد أن يلجأ بوتين للسلاح النووي ضد الناتو، وحينها سيدخل العالم كله ثقباً اسوداً وفوضى دولية يصعب جداً تصور نتائجها وأبعادها.
ولا أظن أن العالم قادر على تفادي السيناريو السابق أعلاه إلا إذا تحقق ما لا يرغب به الغرب، أي أن يكسب بوتين الحرب! إذ إن أي انتصار يمكن أن تحققه روسيا ، سواء كان عسكرياً مباشراً، أم دبلوماسياً عن طريق التفاوض والوصول إلى وقف إطلاق نار بشروط روسية، سيؤذن بلا شك بولادة عالم جديد متعدد الاقطاب، يتراجع فيه الدور الأمريكي أمام أدوار روسيا والصين، وعليه إلى أي مدى ستخاطر موسكو لكسب حربها هذه، وماذا بقي في جعبتها من مفاجآت، وهل سيصل التصعيد بها حد استخدام أسلحة محرمة، وأي ردة فعل ستأتي من الطرف الأوروبي الأمريكي المواجه؟
أسئلة تجيب عليها الأيام القادمة وصيرورة المعارك...
حسن إسميك
رئيس مجلس أمناء STRATEGIECS