من فلسفة الفشل عند شبابنا إلى تجربة النجاح
ليكن الفشل لشبابنا معلماً لهم وليس مقبرة لطموحاتهم، فالمطلوب أن يدركوا أن الإخفاق ما هو إلا بداية لطريق جديد وليس نهاية المشوار؛ لأنه فترة موقتة وليس نهاية المطاف، ومن الأفضل لهم أن يعاودوا المحاولات حتى لا يسيطر عليهم الإحباط، فالحياة سلسلة من التجارب والخبرات التي يجب أن تجعل منهم أكثر قوة وصلابة.
الكاتب حسن إسميك
- تاريخ النشر – ٣١/٠١/٢٠٢٢
الإحباط حالة انفعالية غير سارة قوامها الشعور بالفشل وخيبة الأمل، وإدراك الفرد وجود عقبات وصعوبات في حياته تحول دون تحقيق أهدافه وطموحاته، ومعظم شبابنا يتعرضون لمواقف كثيرة في حياتهم اليومية قد تسبب لهم الشعور بالإحباط أو اليأس بدرجات تختلف باختلاف الرغبات والتوقعات، وللإحباط مصادر قد تكون داخلية أو خارجية، ومن الطبيعي أن نرى أن البعض من هؤلاء الشباب يجنح إلى التّعبير عن يأسهم وإحباطهم وسخطهم على الواقع الذي يعيشونه بمواقف وتصرفات متهوّرة لا يقدّرون عواقبها، فهل غدت هذه التصرفات هي اللغة الوحيدة عندهم لإيصال رسائلهم إلى المعنيين بغية انتباههم إلى مطالبهم ومشاكلهم التي على رأسها الفقر والبطالة؟
يقول مارتن لوثر كينغ: "هناك طريقة واحدة للفشل الحقيقي وهي أن تستسلم للإحباط"، نعم نحن ندرك أن شبابنا يواجه صعوبات في تحقيق أهدافه، وربما يفشل البعض في الوصول إلى غاياتهم ولكن ذلك يجب ألا يدفعهم للوصول إلى حالة اليأس؛ بل عليهم أن يواجهوا هذه الإخفاقات ويعملوا على اكتشاف الأسباب الحقيقية التي أدت إلى تعثرهم في تحقيق أهدافهم، فنحن لا نريد منهم أن يستسلموا، بل نريد منهم أن يقاوموا هذا الإحباط بكل الوسائل وبشتى الطرق.
هل يدرك شبابنا كيف يواجهون الإحباط والفشل؟ لا بد من اتباع طريقة عقلانية في مواجهة هذا الخطر القاتل؛ وذلك بتوجيههم إلى التكيف والتوافق مع الحدث ونتائجه مهما كانت مؤثرة، ففي محاولاتهم للتكيف هم في الحقيقة يواجهون كل الضغوطات الداخلية والخارجية، لذلك فالمطلوب أن يتحول هذا التكيف إلى تحدٍ حقيقي للإحباط، وشبابنا بحاجة إلى الحكمة في التعامل معه وربما يكون الفشل أحياناً أقوى دافع للنهوض من جديد ولتحقيق الطموح، فإذا لم ينجح شبابنا في تحقيق توازن نفسي إزاء هذه المشاكل فحتماً سيعانون من ضغوط كبيرة ستؤثر في سلوكهم.
ليكن الفشل لشبابنا معلماً لهم وليس مقبرة لطموحاتهم، فالمطلوب أن يدركوا أن الإخفاق ما هو إلا بداية لطريق جديد وليس نهاية المشوار؛ لأنه فترة موقتة وليس نهاية المطاف، ومن الأفضل لهم أن يعاودوا المحاولات حتى لا يسيطر عليهم الإحباط، فالحياة سلسلة من التجارب والخبرات التي يجب أن تجعل منهم أكثر قوة وصلابة.
لا ننكر أن للإحباط آثاراً نفسية سلبية على بعض الشباب كالشعور بالغم واللامبالاة والضيق، وقد تصل إلى العدوان على الذات أو الآخرين لدى فئة منهم، لكنني أومن بأن شبابنا العربي شباب متفهم ولديه وعي ديني واجتماعي، وبوجود هذا التكاتف والتلاحم بين شرائحه، وبوجود برامج من قبل حكوماتنا لرعاية الشباب وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي لهم، وتلبية احتياجاتهم وتأمين فرص عمل لهم، وكذلك العمل على تأهيلهم ليتمكنوا من القضاء على الفراغ في حياتهم؛ فإنهم سيكونون قادرين على الالتحاق بسوق العمل، ومن الضروري توفير بعثات لهم للدراسة في الخارج وطرح مشاريع خاصة بهم، وتوفير سبل الترفيه الرياضية أو السياحية أو الثقافية؛ لتكون عاملاً مؤثراً في صقل شخصيتهم وحافزاً لإقبالهم على الحياة بشكل إيجابي.
وربما كثيرة هي العوامل التي أدت إلى شعور بعض شبابنا بالإحباط من فئات العاطلين من العمل أو أصحاب الاحتياجات الخاصة وأصحاب المهن والوظائف ذات الدخل المحدود، إلا أنه يمكن تجاوز هذه المشاعر بالاجتهاد والإرادة والتحلي بالصبر والسعي الدائم لتحقيق الأفضل، ومهما واجه شبابنا من عقبات فهم قادرون على تحويل الفشل إلى إنجاز يشار إليه بالبنان.
وفي ذلك يقول ستيفن كوفي: "إذا كانت حياة الإنسان خالية من الفشل فمعنى ذلك أنه لا يخاطر بالقدر الكافي للحصول على النجاح"، فالنجاح له ثمن ليس بالقليل ولا باليسير، ولن يستطيع شبابنا تحقيق هذا النجاح إذا لم يتسلحوا بالمصادر والأدوات التي تعينهم على تجاوز فشلهم أو شعورهم بالإحباط، فالمطلوب إذن أن يركزوا في أعمالهم وحياتهم على الجانب النفسي في مواجهة الفشل والإحباط الذي قد يصيبهم في بعض الأوقات، وذلك من خلال تغيير قناعاتهم وتجديد استراتيجياتهم في التعامل مع المواقف، وإحداث تغيير حقيقي في حياتهم برفع مستويات وسقف طموحاتهم، وليس المطلوب منهم أن يكتفوا بأداء واجباتهم، بل البحث عن وسائل التطوير والتقدم والنجاح، والحلم بالوصول إلى مراكز أعظم لمستقبلهم. كما هو مطلوب أيضاً أن يقيّموا أنفسهم ويعملوا على معالجة عيوبهم وتحويل إحباطهم إلى نجاح، هذه هي مسؤوليتهم الحقيقية لتغيير واقعهم إلى الأفضل.
لقد قيل إن "الفشل هو الفرصة الجديدة لتبدأ مرة ثانية بذكاء أفضل"؛ لذا فرسالتي للشباب هي:
"كن إيجابياً" واجعل تفكيرك إيجابياً، واجعل عقلك يميل إلى تقبل الأفكار والكلمات التي تحوّل المشاعر السلبية إلى إيجابية، فهي تبسط كل معادلة صعبة أو معقدة، والتزم دائماً التفكير الواعي للمستجدات وتدارك الأخطاء. ومن المهم الانتباه لضرورة تعزيز الثقة بالنفس وتطوير المهارات الإيجابية الكامنة في أعماق شبابنا والتي ستؤكد لهم أن الحياة مستمرة ولا تقف عند تجربة واحدة. طوروا من أنفسكم أيها الشباب، ولا تضغطوا كثيراً على أنفسكم، فإرادتكم هي من ستغير حياتكم، وبها ستخرجون من أي مأزق يواجهكم، وثقوا دائماً بأن بداية تحقيق أي هدف هو الحلم به، لهذا اجعلوا أحلامكم تملأ حياتكم، وتذكروا دائماً أن الخطوة الأولى لتحقيق الحلم هي الاستيقاظ والشروع في العمل.
حسن إسميك
رئيس مجلس أمناء STRATEGIECS