حماس منظمة إرهابية في بريطانيا، الدلالات والتأثير على الإخوان المسلمين

يجسد تصنيف بريطانيا لحماس ضمن قوائم الإرهاب مرحلة جديدة من تعاطي بريطانيا مع جماعات الإسلام السياسي والموقف منها، ويأتي منسجماً مع مقاربة أوروبية واسعة للحد من التطرف ومكافحة الإرهاب، وعليه تبحث هذه المادة في دلالات الخطوة البريطانية وتأثيرها في مستقبل العمل السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في بريطانيا.

الكاتب د. شحاتة العربي
  • الناشر – STRATEGIECS
  • تاريخ النشر – ٠٧‏/١٢‏/٢٠٢١

 

هذه الورقة جزء من سلسلة: الإسلام السياسي تحت المجهر

 

في نوفمبر 2021، وافق مجلس العموم البريطاني على المذكرة التي تقدمت بها وزيرة الداخلية، بريتي باتيل، بتصنيف حركة حماس بجناحيها، السياسي والعسكري، منظمة إرهابية، بعد أن ظلت بريطانيا لنحو عشرين عاماً (منذ 2001) تكتفي بتصنيف جناحها العسكري المتمثل في كتائب عز الدين القسام ضمن قوائم الإرهاب.

وكانت باتيل قد بررت موقفها من حماس بأن "الحركة لديها قدرة إرهابية كبيرة"، ومن شأن القرار أن يجعل لندن متماشية مع الموقف في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في تصنيف حماس على أنها منظمة إرهابية.

 التبعات والاثار

ولعل من الأمور الجديرة بالملاحظة في هذا الخصوص أن قرار وضع حماس ضمن المنظمات الإرهابية قد مر دون أي اعتراضات داخل البرلمان، بما في ذلك حزب العمال المعارض الذي أعلن ممثله في المجلس تأييده لمذكرة وزيرة الداخلية، حيث قالت مصادر في الحزب لموقع ميدل إيست آي، "إن إثارة اعتراضات على مثل هذه المذكرة أمر شديد الحساسية سياسياً". وهذا يعكس طبيعة الأجواء التي يثيرها القلق تجاه التطرف على الساحة البريطانية خاصة بعد تعرض البلاد إلى عدد من العمليات الإرهابية خلال الفترة الماضية، إضافة إلى نجاح التحركات الإسرائيلية في دفع لندن إلى اتخاذ هذا الموقف تجاه حماس بعد سنوات من الاكتفاء بتصنيف جناحها العسكري فقط ضمن التنظيمات الإرهابية، كما سبقت الإشارة.

ويعني قرار وضع حركة حماس على قائمة المنظمات الإرهابية البريطانية الذي أعلنته وزيرة الخارجية باتيل، فرض عقوبات بالسجن لمدة تصل إلى 14 سنة أو الغرامة على من يدعم الحركة ويرفع أعلامها أو شعاراتها، ما يضيق عليها بشكل كبير على الساحة البريطانية في الوقت الذي تُعد فيه بريطانيا من أكثر الدول الغربية التي تشهد حركة مؤيدة للقضية الفلسطينية سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي.

‎⁨صورة-داخلية-1⁩.jpg-حماس-منظمة-إرهابية-في-بريطانيا،-الدلالات-والتأثير-على-الإخوان-المسلمين.jpg

كما يعني ذلك محاصرة النشاط الإعلامي للحركة على الساحة البريطانية فضلا عن نشاطها الاقتصادي أو أي حركة تبرعات مالية تتم لصالحها، بما ينطوي عليه ذلك من ضربة قوية للحركة التي تمتلك حضوراً كبيراً في بريطانيا.

فضلاً عما سبق، فإن هذا القرار البريطاني سوف يرتب ضغوطاً تتجاوز الساحة البريطانية إلى الدول التي تدعم حماس أو لها علاقة معها ومنها تركيا وقطر على سبيل المثال، أو حتى التي تتعامل معها بحكم الضرورة مثل مصر التي تتوسط كثيراً بينها وبينها إسرائيل وتعمل على رعاية مفاوضات المصالحة الوطنية بينها وبين حركة فتح بين كل فترة وأخرى.

وفي الوقت الذي ربما يقوي فيه هذا القرار من موقف السلطة الوطنية الفلسطينية، بشكل أو بآخر، في مواجهة حماس أو في أي مفاوضات مستقبلية معها، فإنه يخلط الأوراق بشكل كبير داخل المشهد السياسي الفلسطيني بالنظر إلى إن حركة حماس تسيطر، بحكم الأمر الواقع، على قطاع غزة منذ سنوات، فضلاً عن العمل من أجل إجراء انتخابات برلمانية فلسطينية في كامل الأراضي الفلسطينية والتي كانت مقررة في مايو الماضي قبل أن يقدم الرئيس الفلسطيني محمود عباس على تأجيلها إلى حين سماح إسرائيل للفلسطينيين في القدس الشرقية من التصويت.

 لكن على الرغم مما سبق، فإن هناك بعض الأمور التي ربما تخفف من وطأة هذا القرار على حركة حماس أهمها: أن الحركة، بحكم خبرتها الطويلة في التخفي والعمل السري، ربما تكون قادرة على الالتفاف على القرار البريطاني، بشكل أو بآخر، والعمل من خلال واجهات إعلامية واقتصادية قد يكون من الصعب كشف أو إثبات علاقتها بالحركة.

فضلاً عن ذلك فإن سيطرة الحركة على قطاع غزة المكتظ بالسكان والذي يعاني من مشاكل اقتصادية كبيرة وخطيرة، تمثل ورقة ضغط في يدها في التعامل مع الأطراف الإقليمية أو الدولية، لأن هذا يضع حدوداً لما يمكن أن تمارسه هذه الأطراف، بما فيها إسرائيل ذاتها، من ضغط على حماس حتى لا يؤدي ذلك إلى انفجار الأوضاع في غزة وما لذلك من تبعات أمنية خطيرة على جوار القطاع والمنطقة بشكل عام. ولذلك فإن إسرائيل، رغم كل عدائها لحماس، تتعاون مع أطراف إقليمية لإدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع بين كل فترة وأخرى، وفي مقدمة هذه الأطراف قطر.

محاولة للتفسير

 وبشكل عام، فإن قرار بريطانيا بتصنيف حركة حماس منظمة إرهابية، يطرح تساؤلاً مهماً هو: ما خلفيات هذا القرار، ولماذا الآن؟ وفي الإجابة على هذا السؤال يمكن الإشارة إلى العديد من الأمور لعل أهمها:

1- لا ينفصل هذا القرار البريطاني عن التوسع الكبير في إجراءات الغرب ضد تيارات الإسلام السياسي وفي مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين، خلال الفترة الماضية، في ظل تصاعد القلق من تهديد هذه التيارات للأمن والسلام الداخليين في الدول الأوروبية من ناحية، وبروز التيارات اليمينية والشعبوية داخل المشهد السياسي الأوروبي من ناحية أخرى، ولهذا حظرت أو ضيقت بعض الدول الأوروبية نشاطات عدد من التنظيمات التي تنتمي إلى الإسلام السياسي لا سيما جماعة الإخوان المسلمين أو القريبة منها فكرياً، ضمن اجراءاتها لتعزيز مكافحة الإرهاب والتطرف على أراضيها، كما في خطوة البرلمان النمساوي بحظر جماعة الإخوان المسليمن من ممارسة أي عمل سياسي في البلاد، بتاريخ 22 يونيو من العام الجاري.

2- الضغوط الداخلية والخارجية على الحكومة البريطانية من أجل اتخاذ موقف متشدد تجاه جماعة الإخوان المسلمين، أسوة بالعديد من الدول الأوروبية في هذا الخصوص. ولذلك يمكن القول إن الحكومة البريطانية قد لجأت إلى استهداف حماس لامتصاص هذه الضغوط، خاصة في ظل صعوبة إقدامها على تصنيف جماعة الإخوان منظمة إرهابية لأسباب كثيرة؛ سنأتي على ذكرها لاحقاً.

3-  يرتبط هذا القرار، بشكل أو بآخر، بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ومن ثم رغبتها في بناء شراكات اقتصادية وتجارية مع دول الشرق الأوسط وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، في الوقت الذي تصنف فيه واشنطن، حماس ضمن قوائم الإرهاب، بينما تعتبر دول مهمة لبريطانيا في الخليج العربي مثل المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، جماعة الإخوان تنظيماً إرهابياً.

4- القرار البريطاني موجه، في أحد جوانبه، إلى إيران، في ظل العلاقات بين حركة حماس وطهران خاصة على المستوى العسكري، وهو ما ظهر بوضوح خلال التصعيد العسكري الأخير بين حماس وإسرائيل. وفي هذا السياق تريد بريطانيا أن تجرد إيران من أحد أوراقها الاستراتيجية المهمة في معركة النفوذ الإقليمي ومفاوضات البرنامج النووي الإيراني.

‎⁨صورة-داخلية-3⁩.jpgحماس-منظمة-إرهابية-في-بريطانيا،-الدلالات-والتأثير-على-الإخوان-المسلمين.jpg

5- ثمة علاقة بين استخدام بريطانيا لأقصى درجات الشدة في العلاقة مع حركة حماس، وبين التحركات لتعزيز توجهات السلام في الشرق الأوسط، وتوسيع مجال العلاقات بين إسرائيل ومحيطها الإقليمي، وذلك بالنظر إلى إن موقف حماس من إسرائيل والسلام معها يتم النظر إليه من قبل بريطانيا والغرب بشكل عام على إنه أحد أكبر المعوقات لتسوية القضية الفلسطينية.

حظر حماس.. دلالات مهمة بالنسبة لجماعة الإخوان المسلمين

منذ الإعلان عن اتجاه بريطانيا نحو حظر حركة حماس بشكل كامل من خلال وضعها ضمن التنظيمات الإرهابية، ركز المراقبون والمحللون على دلالات ذلك القرار ومعناه وتأثيره على موقف لندن من جماعة الإخوان المسلمين، ربما أكثر من تركيزهم أو اهتمامهم بتأثيره على حماس ذاتها.

وفي هذا السياق يمكن القول إن تصنيف حماس منظمة إرهابية في بريطانيا ينطوي على العديد من الدلالات الخطيرة بالنسبة إلى جماعة الإخوان لعل أهمها:

1- ظلت بريطانيا لسنوات طويلة تفصل بين الجناحين، العسكري والسياسي، لحركة حماس؛ بحيث كانت تحظر الأول بينما لا تعتبر الثاني إرهابياً، كما سبقت الإشارة. ولذلك فإن إقدامها على تصنيف الحركة برمتها منظمة إرهابية، يعني بالنسبة إلى الإخوان المسلمين أن فكرة الفصل بين السياسي والعسكري ربما تتراجع خلال الفترة المقبلة، خاصة أن ثمة جماعات إرهابية ظهرت في مصر بعد 2013 ومارست العنف وأعلنت تبعيتها للإخوان مثل "حسم" و "لواء الثورة" اللتين أقدمت الولايات المتحدة الأمريكية على وضعهما ضمن القوائم الإرهابية في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وهو الإجراء ذاته الذي اتخذته بريطانيا كذلك في التعامل مع الحركتين، في إطار رؤية للبلدين في التعامل مع جماعة الإخوان تقوم، حتى الان، على الفصل بين السياسي والعسكري.

2- على الرغم من إن حركة حماس قد اسقطت الإشارة إلى تبعيتها لجماعة الإخوان المسلمين في التعديل الذي أجرته على وثيقتها السياسية في عام 2017، فإن الحركة تتبنى نهج الجماعة على مستوى الفكر والحركة، وأقدمت على هذا التعديل كإجراء تكتيكي لمواجهة الضغوط الكبيرة التي تعرضت لها جماعة الإخوان المسلمين في المنطقة بشكل عام وفي مصر على وجه الخصوص كما خلصت ورقة "وثيقة حماس..تغيير تكتيكي أم تحول استراتيجي" لمركز الأهرام للدراسات والسياسية والاستراتيجية.

وهذا يعني أن القرار البريطاني ضد حماس موجه بشكل مباشر إلى جماعة الإخوان المسلمين، بل ينطوي على تحذير واضح لها بتغيير سلوكها خلال الفترة المقبلة. ولعل هذا ما يفسر الموقف الفاتر أو المتحفظ أو الهادىء الذي اتخذته الجماعة رداً على تصنيف حركة حماس منظمة إرهابية، حيث انتظرت الجماعة عدة أيام قبل أن تعلق على القرار البريطاني، وحينما علقت اكتفت بمطالبة الحكومة البريطانية بمراجعة القرار.

3- رغم إنكار حماس للعلاقة التنظيمية بينها وبين جماعة الإخوان المسلمين في مصر، فقد خلصت مراجعة  حالة الإخوان المسلمين في بريطانيا عام 2015، إلى أن هناك ارتباطاً وثيقاً بين حركة حماس وجماعة الإخوان المسلمين في مصر، حيث تسهل الأخير تمويل حركة حماس، وتدافع على جميع المستويات عن نشاطات وعمليات الحركة.

4- بالنظر إلى إن بريطانيا تمثل معقلاً مهماً لجماعة الإخوان المسلمين في أوروبا والغرب بشكل عام، كما تمثل مرجعية مهمة في التعامل مع تيارات الإسلام السياسي لما لديها من خبرة كبيرة بها وبالمنطقة بشكل عام، فإن الخطوة التي اتخذتها ضد حماس، يمكن أن تشجع دولاً أخرى على السير في الطريق نفسه ضد التيارات التابعة لجماعة الإخوان المسلمين أو القريبة منها أو الداعمة لها على أرضها خلال الفترة المقبلة.

هل يكون الدور على جماعة الإخوان؟

نصل إلى السؤال المهم في هذه القراءة التحليلية وهو: هل يكون تصنيف حركة حماس منظمة إرهابية في المملكة المتحدة، مقدمة لوضع جماعة الإخوان المسلمين ضمن هذا التصنيف كذلك؟

وما يدعو إلى إثارة هذا السؤال هو اتساق الفكر بين الأصل والفرع، وما بين الجماعتين أو الحركتين من تعاون سياسي ومالي كبير خاصة في الساحة البريطانية.

لكن على الرغم من كل التقديرات التي تحدثت عن أن بريطانيا ربما تتجه إلى اتخاذ القرار نفسه ضد جماعة الإخوان المسلمين، فإن هناك العديد من الاعتبارات التي تجعل هذا الأمر صعباً إلى حد كبير، يمكن الإشارة إلى أهمها في الاتي:

1- في عام 2014 أمر رئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون بتشكيل لجنة لمراجعة نشاطات جماعة الإخوان المسلمين في بريطانيا ومدى ارتباط الحركة بالنشاط الإرهابي، وخلص التقرير الذي صدر في 2015 إلى "إن عضوية الحركة او الارتباط بها يجب ان يعد مؤشرا ممكنا للتطرف"، لكنه لم يصل إلى تصنيفها كمنظمة ارهابية.

‎⁨صورة-داخلية-2⁩.jpg-حماس-منظمة-إرهابية-في-بريطانيا،-الدلالات-والتأثير-على-الإخوان-المسلمين.jpg

وهذا يعني أن ثمة مرجعية حكومية بريطانية للتعامل مع جماعة الإخوان تم إعدادها من قبل لجنة متخصصة، لا تتضمن تصنيفها منظمة إرهابية، ولذلك فإن أي توجه لمثل هذا التصنيف سوف يحتاج إلى دراسة جديدة أو مراجعة وإعادة تقييم لجماعة الإخوان سوف تأخذ وقتاً طويلاً ربما يتجاوز السنوات.

2- بريطانيا هي أحد المقرات الرئيسية للتنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين، ووفقاً لمركز Hudson، بالرغم من عدم وجود إطار تنظيمي للجماعة في بريطانيا إلا أنها قد تكون الأكثر ديناميكية وتأثيراً بين المسلمين هناك، وهذا يمثل ورقة مهمة في يد لندن عند التعامل مع دول المنطقة العربية والشرق الأوسط، ولا يُتوقع أن تتخلى عن هذه الورقة بسهولة، وهي ورقة تناور بها في علاقاتها العربية لتحقيق مصالحها وممارسة الضغوط السياسية.

3- تمتلك جماعة الإخوان المسلمين في بريطانيا استثمارات ضخمة تقدر بحوالي 8 مليارات دولار، وفقاً لأرقام العام 2016، فضلاً عن الكثير من الجمعيات التابعة لها التي تمتلك أموالاً واستثمارات تقدر بمئات الملايين من الدولارات في بريطانيا بحسب مركز تريندز للاستشارات والبحوث، الأمر الذي مكنها من إقامة علاقات مهمة مع دوائر سياسية واقتصادية على الساحة البريطانية.

وهذا التواجد الاقتصادي القوي يمكن الجماعة من ممارسة الضغط وإقامة العلاقات مع مراكز صنع القرار المهمة بهدف تفادي اتخاذ أي إجراءات متشددة ضدها. فضلاً عن ذلك فإن تشعب المصالح الاقتصادية والمالية للجماعة في بريطانيا ربما يقلل من فعالية أي قرار يتم اتخاذه ضدها.

ولعل تجربة الولايات المتحدة مع الإخوان في عهد دونالد ترامب، تنطوي على دلالات مهمة كذلك بالنسبة إلى وضعهم في بريطانيا؛ فعلى الرغم من توجهات ترامب المعادية للإخوان والساعية لتصنيفهم منظمة إرهابية، فإنه في النهاية لم يستطع اتخاذ هذه الخطوة.

4- تجرية الثورة الإيرانية عام 1979، لا زالت ماثلة في الأذهان في بريطانيا والولايات المتحدة والغرب بشكل عام. فقد فوجئ الغرب بسيطرة قوى دينية متشددة على السلطة في إيران بينما لم يكن لديه أي تواصل مسبق حقيقي أو مؤثر معها، وهو ما سبب الكثير من المتاعب للولايات المتحدة والغرب بشكل عام في التعامل مع النظام الإيراني خلال السنوات اللاحقة للثورة. هذه التجرية تجعل الغرب حريصاً على عدم قطع علاقاته مع أي تيار إسلامي في المنطقة العربية، مهما كانت حقيقة موقفه منه.

5- ثمة مبرر يستخدمه معارضوا تصنيف الإخوان منظمة إرهابية سواء في بريطانيا أو الولايات المتحدة، وهو إن الجماعة أو عناصر محسوبين عليها لهم وجود في السلطة في بعض دول الشرق الأوسط، ولذلك فإن وضع الجماعة على قوائم الإرهاب من شأنه أن يعقد علاقات الولايات المتحدة مع هذه الدول. وهذا المبرر لا يزال يتم استخدامه حتى على الرغم من النكسات الكبيرة التي تعرضت لها الجماعة في دوائر السلطة في المنطقة خلال السنوات الماضية.

6- لدى جماعة الإخوان المسلمين قدرة كبيرة على التخفي والمناورة بحيث يكون من الصعب الكشف عن حقيقية مواقفها وممارساتها ومشروعاتها، وهذا يجعل من الصعب على بريطانيا أو غيرها الوقوف بشكل كامل أو دقيق على نشاطات الجماعة وطبيعة علاقتها بالإرهاب.

7- جماعة الإخوان المسلمين، رغم شعاراتها المعلنة، هي جماعة براجماتية تجيد الكر والفر وعقد الصفقات " تحت الطاولة" مع الحكومات في الغرب، ويمكنها التضحية بأي شيء من أجل الحفاظ على نفسها ومصالحها بما في ذلك بعض الجماعات التابعة لها ومنهم حركة حماس نفسها.

8- لا شك في أن جماعة الإخوان المسلمين قد التقطت الإشارات الموجهة إليها في قرار تصنيف حماس منظمة إرهابية، وهذا سيجعلها تراجع مواقفها ونشاطاتها وحساباتها خلال الفترة المقبلة، وتعمل على تحسين صورتها على الساحة البريطانية من خلال الأدوات الكثيرة التي تمتلكها، وتعزز من علاقاتها، لمنع أي تفكير في استهدافها، خاصة أن لديها خبرة كبيرة في التعامل مع الضغوط، والهروب منها.

في ضوء ما سبق، يمكن القول أن تصنيف حركة حماس ضمن قوائم الإرهاب في بريطانيا، رغم إنه ينطوي على دلالات خطيرة بالنسبة إلى جماعة الإخوان المسلمين، فإن هذا لا يعني أن الخطوة البريطانية المقبلة هي تصنيف الجماعة ذاتها كمنظمة إرهابية.

 

 

 

*تُعبر هذه الدراسة عن وجهة نظر كاتبها، ولا يتحمل مركز ستراتيجيكس أي مسؤولية ناتجة عن موقف أو رأي كاتبها بشأن القضايا الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والأخرى، ولا تعكس بالضرورة موقف و/أو وجهة نظر المركز.

د. شحاتة العربي

باحث مختص في شؤون الشرق الأوسط