المباحثات السعودية-الإيرانية: خطوة على طريق طويل
يتواصل الاهتمام الكبير بملف العلاقات بين السعودية وإيران؛ وتأتي هذه الأهمية نظراً لانعكاس هذا الحدث على السياق الإقليمي والدولي، وفي ضوء ذلك تسعى هذه الورقة لقراءة المحادثات من منطلق الدوافع والمتغيرات وتأثيراتها المحتملة على بؤر التوتر والصراع بين الدولتين في المنطقة وكذاك استشراف مآلتها.
الكاتب د. زياد عبدالله العياصرة
- الناشر – STRATEGIECS
- تاريخ النشر – ١٤/١١/٢٠٢١
يتواصل الاهتمام الكبير والمفهوم بملف العلاقات بين السعودية وإيران؛ نظرا لمركزية هاتين الدولتين في الإقليم، وللآثار التي يتركها مدى التباعد أو التفاهم بينهما على المنطقة برمّتها، بل وعلى عدد من القضايا الدولية. وتزايد هذا الاهتمام، بعد توارد الأنباء عن عقد جولات حوار بين السعودية وإيران في العاصمة العراقية بغداد، حيث أفادت أن مسؤولين سعوديين وإيرانيين أجروا أربع جولات من المباحثات خلال الأشهر الماضية في العاصمة العراقية بغداد.
جاء الإعلان الرسمي عن هذه المحادثات على لسان الرئيس العراقي برهم صالح في مايو الماضي، بالقول أن بلاده استضافت أكثر من جولة حوار بين السعودية وإيران خلال الفترة الماضية، وقد أكدت المملكة العربية السعودية بأنها عقدت جولة رابعة من المحادثات المباشرة مع إيران يوم 21 سبتمبر الماضي، في حين وصف وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان المحادثات مع إيران بأنها في مرحلة "استكشافية".
ولأهمية هذا الحدث في سياقه الإقليمي والدولي، تسعى هذه الورقة لتسليط الضوء على المحادثات السعودية الإيرانية، والوقوف على دوافعه والمتغيرات التي جاء في سياقها، مع إبراز تبعات نجاح أو فشل هذه المحادثات في البعد الإقليمي وعلى وجه الخصوص في بؤر التوتر بين الدولتين.
خلفية عن العلاقات السعودية الإيرانية
كانت الرياض قد قطعت علاقاتها مع طهران في يناير 2016، إثر هجوم محتجّين إيرانيين على سفارة المملكة العربية السعودية في العاصمة الإيرانية طهران، وعلى قنصليتها في مدينة مشهد. وفي الواقع، وباستثناءات محدودة زمنيا، كانت العلاقة التنافسية أبرز سمات العلاقات بين البلدين، منذ وصول الخميني إلى السلطة في إيران بعد ثورة عام 1979، ومعه برامج "تصدير الثورة" التي رأت فيها غالبية دول الإقليم تهديدا استراتيجيا لاستقرارها وأمنها. وتوالت التطورات والأحداث التي عمّقت الفجوة بين السعودية وإيران، فجاءت الحرب العراقية-الإيرانية (1980-1988) التي وقفت فيها دول الخليج العربية بقيادة السعودية، مع العراق، وصولا إلى أحداث ما يعرف بـ "الربيع العربي" والصراع والتناقض في المواقف حول الأزمة السورية واليمنية والتنافس في الساحات السياسية لكل من العراق ولبنان، حيث لإيران مراكز نفوذ سياسية ومسلحة ترى فيها السعودية، ومعها دول عديدة أخرى، تدخلا إيرانيا في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، وتهديدا لا يمكن أن يُقابل إلا بالعمل على مواجهته ومحاصرته. وكان من محطات التوتر البارزة بين الطرفين، دعم الرياض قرار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عام 2018 انسحاب الولايات المتحدة بشكل أحادي من الاتفاق النووي مع إيران، وفرض عقوبات قصوى عليها.
محادثات "التطبيع"
كانت المحادثات السعودية الإيرانية محطّ اهتمام خاص من الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، حيث أعرب في كلمته أمام أعمال الدورة (76) للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، عبر الاتصال المرئي، عن أمله في أن تؤدي المحادثات مع إيران إلى "نتائج ملموسة لبناء الثقة" وإحياء التعاون الثنائي، داعيا إيران في الوقت نفسه إلى وقف "جميع أنواع الدعم" للجماعات المسلحة في المنطقة، مشيرا بشكل خاص إلى جماعة أنصار الله الحوثية في اليمن. كما لُوحِظ أن الإعلام الحكومي السعودي خفف من حدة لهجته تجاه إيران. وأذاعت قناة "الإخبارية" الحكومية تقريرا بدأته بتصريحات سابقة لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قال فيها "كل ما نطمح به أن تكون لدينا علاقة طيبة ومتميزة مع إيران".
جدير بالذكر أن محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني السابق، قد صرّح بأن بلاده مستعدة لإعادة العلاقات الدبلوماسية مع السعودية واستئناف تبادل السفراء بين البلدين. إلا أن بوادر التحوُّلات في الموقف الرسمي الإيراني باتجاه تطبيع العلاقات مع السعودية تزامنت مع صعود إبراهيم رئيسي، السياسي الإيراني المحافظ، إلى رئاسة الجمهورية في إيران.
ولُوحظ أن إيران بدت أكثر تفاؤلا في الحديث عن إيجابيات الحوار الدبلوماسي القائم مع السعودية والنتائج المتوقعة منه، وأبدى مسؤولون إيرانيون الرغبة في "بدء علاقة ثنائية ضمن إطار مفيد للجانبين"، وأن الحوار في "أفضل حالاته"، كما صرّح سعيد خطيب زادة، المتحدث الرسمي باسم الخارجية الإيرانية، في 4 أكتوبر الماضي. وأفادت معلومات أن إيران اقترحت تبادل إعادة فتح القنصليتين في مدينتي مشهد الإيرانية وجدة السعودية، إبداءً لحسن النية، فيما لم تقبل السعودية "الإسراع" في إعادة فتح السفارات بين البلدين.
وجرى الكشف أيضًا عن تبادل تجاري ضعيف (أقل من 40 ألف دولار) حصل بين البلدين بعد سنوات من القطيعة لم يكن فيها أي تبادل تجاري بين البلدين، حسبما أعلن المتحدث باسم الجمارك الإيرانية، روح الله لطيفي، يوم 17 أكتوبر الماضي، والقيمة السياسية الكبيرة لهذا التبادل واضحة تماما، على ضآلته الكمية، فيما كانت قيمة التبادل التجاري بين الرياض وطهران قد بلغت قرابة 500 مليون دولار، قبل قطع العلاقات بين البلدين. ولعلّ التصريحات التي نقلتها صحيفة "فايننشال تايمز"، عن وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان آل سعود، الذي قال إن المملكة "جادة" بشأن محادثاتها "الودية" مع إيران، وتأكيده أن "ما نسمعه اليوم عن احتمال فتح قنصلية إيرانية في جدة وسعودية في مشهد يؤكد بما لا يقبل الشك أن هناك تقدما في المباحثات". ويبدو أن عرض السعودية المتعلق بفتح قنصلية إيرانية في جدة، يتعلق بتسجيل وفود الحجاج الإيرانيين والمعتمرين".
ولا تنعزل تطورات ملف العلاقات السعودية –الإيرانية عن التحوّلات الدولية. وتبرز تحوّلات أحد عناوينها "إعادة التموضع" الأميركي والحدّ من الانخراط في بعض ملفّات الشرق الأوسط، وتوجيه الطاقات والقوى إلى شرق آسيا، في تصدٍّ أميركي معلن للمنافس الاقتصادي والاستراتيجي الصيني.
وربما تتجه طهران إلى تحجيم الخلافات مع محيطها الخليجي والعربي عموما، بعد أن خلطت مجموعة من المتغيرات الأوراق الإيرانية، ومنها سيطرة حركة طالبان على الحكم في أفغانستان، والتي وضعتها أمام تحديات ومخاطر جديدة. والتوترات بين إيران وأذربيجان، المنتصرة على أرمينيا التي كانت حليفا لإيران. فالبيئة الإقليمية لإيران "غير مريحة"، إن لم تكن مهدِّدة وخطرة. والأكثر أهمية أن إيران تراهن على أن عودة علاقاتها مع السعودية قد تسهم في عودة العلاقات بينها وبين الولايات المتحدة الأميركية. أما سعوديا، فقد تمّت المصالحة مع دولة قطر، واتُّخذت خطوات للانفتاح أكثر على التعاون مع روسيا والصين، وتحسنت العلاقات مع تركيا.
النجاح نجاح عامّ
لقد استهلكت صراعات المنطقة من الأرواح والموارد الكثير. وما يتّضح أكثر فأكثر أنه آن الأوان لحلّها، أو الشروع الجادّ في حلّها، بنوايا حسنة، على أقلّ تقدير، خاصة وأن نجاح المحادثات السعودية-الإيرانية يفتح الأبواب أمام توجيه الموارد للتنمية ومواجهة التحدّيات الاجتماعية -الاقتصادية لشعوب المنطقة.
وما من جدال في الأهمية المركزية لكل من السعودية وإيران في الإقليم. فكل منهما دولة إقليمية وازنة مقرّرة، وتصطف مع كلّ منهما دول أو قوى في محاور متنافسة.
ولذلك، تعني علاقات حسن جوار بين المملكة العربية السعودية وإيران؛ إقليمًا جديدًا تمامًا، وتفتح أبواب أمل لكل شعوب المنطقة، مثلما تشكّل ركائز استقرار وأمن في منطقة بالغة الأهمية الاستراتيجية في العالم. ولعلّ الإدراك المتنامي لهذه الحقائق قدّم أرضية للشروع في نهج الحوار السعودي-الإيراني، أمّا المضيّ قُدما وتحقيق النتائج الأعمق والأوسع والأبعد أثرًا، فلا يزال يتطلب، بالطبع، حلحلة مُرضية لعدد من المسائل الصراعية المركزية الضاغطة، ومن أبرزها، الأزمة اليمنية.
ولعلّ في انفراج العلاقات الإيرانية-السعودية ما يتيح انفراجات أخرى، بينها، على سبيل المثال، علاقات طبيعية بين إيران وعدد من الدول العربية الأخرى، حيث هناك رغبة إيرانية في استئناف العلاقات مع مصر، وبعد نحو شهر تقريباً على لقاء جمع وزيري خارجية البلدين، مع آخرين، على هامش اجتماعات الأمم المتحدة في نيويورك، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، إن "التقدم في العلاقات (بين القاهرة وطهران) إلى الأمام يصب في مصلحة المنطقة"، رابطاً تطورها بالمباحثات مع السعودية. وهذا مثال ينسحب على عدد من الدول العربية الأخرى، ويمكن أيضا إدراجه في علاقات أوسع، يصعب أن تتطوّر في ظل أزمة علاقات بين الركنين؛ السعودي، والإيراني.
بل، وهذا ما يبدو غريبا، رحّبت الولايات المتحدة الأميركية بالمحادثات السّعوديّة-الإيرانيّة منذ الإعلان عنها. ولعلّ الولايات المتحدة تدعم المساعي السعودية في تصويب السلوك الإيراني الإقليمي بعيداً عن التدخلات في شؤون الدول الأخرى، في انتظار الوصول إلى "حلّ ما" يعيد الحياة للاتفاق النووي مع إيران.
وإيران تتجاوب مع ذلك في واقع الحال، بحكم الحاجة إلى التخفيف من العزلة الدولية، ومن أجل حلحلة الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها الاقتصاد الايراني، وتيسير الوصول إلى تفاهمات مع الأميركيين، مدركة أن الانفراجٍ في العلاقة مع السّعوديّة يخدمها في المُحادثات مع أميركا والمجموعة الدّوليّة، خاصة وأن الجولة القادمة من مباحثات الاتفاق النووي ستتم، كما هو مقرّر، في أواخر شهر نوفمبر الجاري. وكما يرى الإيرانيون أن الانفراج في علاقتهم مع السعودية سيمنع إسرائيل من تحقيق المزيد من "مكاسب التطبيع" بعدما وقعت "اتفاقات سلام" مع كل من الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان والمغرب، بشكل رأت فيه إيران إحلالا لدور إسرائيلي أبرز في مواجهتها، ولكن الموقف السعودي يبقى المحور المركزي والأساسي في مجمل هذه العملية. وهذا مرتبط بقوة مع ملف الأمن في الخليج، وهو يحتاج إلى رعاية كل المعنيين بالتجارة الدولية وبالملاحة البحرية في الخليج وبحر العرب وخليج عمان ومضيق هرمز، فالسعودية تطرح بذلك ملف الأمن في المنطقة. كما أن الاتفاق بين السعودية وإيران يعني في الحقيقة تحجيم التدخلات "غير المرغوب فيها"، وبينها، التدخلات الإسرائيلية. وفي هذا السياق، قالت صحيفة "هآرتس": إذا انتهت المحادثات بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية بالفعل إلى الاتفاق والتطبيع، فستكون الفصل الأخير من التحالف المناهض لإيران الذي بنت إسرائيل عليه الجبال والتلال، بل ورأت نفسها عضواً غير رسمي فيه".
أزمات اليمن ولبنان في المقدّمة
يمكن القول إن التقدّم في المباحثات كان دافعا للتفاؤل، إلاّ أن حماس المتفائلين بنتائج سريعة نسبيا للمحادثات الإيرانية-السعودية تراجع نسبيا في أعقاب ما يمكن تسميته "أزمة تصريحات جورج قرداحي"، وزير الإعلام اللبناني، الذي كان قد أطلق تصريحات وصف فيها الحرب في اليمن بأنها "عبثية"، والتدخل العربي بالــ "العدوان"، قبل أن يصبح وزيرا للإعلام. وفي نظر بعض الأطراف اللبنانية، أتت أحداث الطيّونة في المواجهات بين حزب الله وحزب القوات اللبنانية، ووقف الرياض منذ مدة استيراد الخضار والفواكه من لبنان بسبب "تهريب المخدرات" في سياق يتعدّى الحدث في ذاته. والواقع أن المملكة أشارت إلى أن الخلاف الأخير مع الحكومة اللبنانية وما قبله يندرج في واقع سيطرة حزب الله على مفاتيح القرار اللبناني. وتزداد وطأة "أزمة قرداحي" بالنظر إلى الأوضاع اللبنانية المأزومة اقتصاديا واجتماعيا إلى درجة قد لا تكون مسبوقة.
وفي ضوء ذلك، كان ردّ الفعل السعودي على تصريحات قرداحي، سحب السفير من لبنان، والطلب إلى السفير اللبناني مغادرة السعودية، ومثل ذلك فعلت، في ردود فعل مشابهة، الكويت والبحرين ودولة الإمارات العربية المتحدة والحكومة اليمنية برئاسة عبد ربه منصور هادي المعترَف بها دوليا. ووضع البعض ذلك في سياق التنافس بين السعودية وإيران في الساحة اللبنانية، ورفض السعودية دور حزب الله الذي يسيطر على الدولة اللبنانية تبعا لتقديرها، وليس فقط للتصريحات في ذاتها، والتي كان يمكن حلّ إشكاليّتها بوسائل دبلوماسية عديدة، فالرياض تنتقد المسؤولين اللبنانيين، وصولا إلى الحلفاء القدامى في تيار المستقبل، لعدم تصديهم لهذا الدور، وهو تصدٍّ يحمل لواءه أساسا حزب القوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع.
إن هذه العقبة اللبنانية تأتي إلى جانب عقبات نزاع بين السعودية وإيران في ملفات العراق واليمن وسوريا. وفي الواقع، تراجعت "العقبة السورية" إلى حدّ كبير، أمام القبول السعودي والخليجي والعربي عموما بعودة سوريا إلى "الصفّ العربي" والجامعة العربية، ولكن الملف اليمني لا يزال يعتمل وتتصاعد حدّته بلغة الحديد والنار، وتنظر السعودية إلى الوضع في اليمن بكونه مسألة أمن قومي ذات حساسية بالغة بالنسبة إلى السعودية، وهنا تكمن أبرز المعضلات، على ما يبدو.
الأزمة اليمنية أولاً؟
جاء التدخل السعودي في الأزمة اليمنية، أساسًا، عبر قيادة تحالف عربي دعت إليه حكومة اليمن المعترف بها شرعيا برئاسة عبد ربه منصور هادي منذ عام 2015، بعد 6 أشهر من سيطرة جماعة أنصار الله الحوثية على العاصمة اليمنية صنعاء في سبتمبر 2014. ونظرا لأهمية اليمن الخاصة جدا بالنسبة إلى السعودية، فقد احتلّ الملف اليمني مكانة بالغة الأهمية في المباحثات بين السعودية وإيران.
وعلى خلفية الأزمة اليمنية، وبعد عامين من اندلاع حرب اليمن، صرَّح ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عام 2017 بأنه لا توجد نقاط التقاء بين الرياض وطهران للحوار والتفاهم. لكن بعد دخول معارك التحالف العربي عامها السابع، وجدت الرياض أن أمن الخليج قد تضرَّر، وأن ثمة نقاطا للحوار مع خصمها في اليمن بعيدا عن المطالب القصوى لكلا الطرفين. وتبنّت السعودية المرونة وبوادر حسن النية التي يُذكر منها سماح السعودية بتمديد استثناء إيران في اتفاق "أوبك بلس" لخفض الإنتاج، مما حافظ على عدم تراجع إيرادات إيران النفطية التي تضرَّرت نتيجة العقوبات الأميركية، بل وقدَّمت المملكة مساعدة هامة لإيران بإجراء تخفيضات طوعية في إنتاجها من النفط بمعدل مليون برميل يوميا، وهو ما قابله إعلان إيراني عن زيادة كبيرة في معدلات إنتاج النفط.
وفيما تحاول السعودية إنهاء الصراع اليمني الذي عرّض منشآتها الحيوية لهجمات الطائرات المسيرة والصواريخ، جاء ردّ جماعة أنصار الله الحوثية في استمرار في التصعيد على جبهة مأرب الاستراتيجية، وفي استمرار إطلاق الصواريخ والمسيّرات على الأراضي السعودية.
وفي الواقع تسعى السعودية إلى حلّ في اليمن بمشاركة الحوثيين، عبر تسوية سياسية تستند إلى المبادرة الخليجية وقرارات مجلس الأمن الدولي ومخرجات الحوار الوطني الذي وقعت عليه الأطراف اليمنية.
ولكن، يبدو أن جماعة أنصار الله الحوثية، المدعومين من إيران، سيواصلون الضغط على مأرب، للدخول إلى طاولة المفاوضات بورقة السيطرة عليها، وهو ما تحاول السعودية منع تحقيقه. ولو جاز وصف أبرز العقبات أمام نجاح المحادثات بين السعودية وإيران، لكانت الأزمة اليمنية، ربّما، أوّلها وأصعبها، حيث من غير الوارد طرح ملف لبنان في الوقت الراهن. ويصعب، في الواقع، أن تؤدي جولات الحوار بين السعودية وإيران إلى تفاهمات هامة، دون حلّ الخلاف العميق والاستراتيجي حول اليمن.
ومع كل الأمل في نجاح المحادثات، ومع كلّ العقبات، يمكن للمنطقة أن تسير إلى انفراجات، في الأمد المنظور، فالتحوّلات الدولية والإقليمية أصبحت تفرض منطقا ووقائع نازعة إلى حلّ الخلافات، وليس تصعيد النزاعات.
د. زياد عبدالله العياصرة
باحث مختص في شؤون الشرق الأوسط