التعريفات الجمركية الأمريكية: الصدمة وإن حدث التعافي
يبدو أنّ هُناك فجوة ما بين تصورات الإدارة الأمريكية والواقع الذي نتج بعد فرض التعريفات الجمركية، وأنّ مسار الاقتصاد الأمريكي والعالمي والعلاقات التجارية قد تخرج عن السيطرة وبشكل يصعب تصويبه، وبالرغم من تجميد التعريفات على الدول التي لا ترد برسوم انتقامية، إلا أن تمسك الولايات المتحدة والصين بسياسات اقتصادية انتقامية لا يزال قائماً، وهذا بحد ذاته قد يدخل الاقتصاد العالمي في نفق مُظلم، ويضعه أمام سيناريوهات قاتمة.
الكاتب ستراتيجيكس
- تاريخ النشر – ١٠/٠٤/٢٠٢٥

فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، رسوماً جمركية على 57 دولة حول العالم في 2 أبريل 2025؛ في تاريخ أطلق عليه ترامب بـ "يوم التحرير"، وجاءت التعريفات بمعدلات تتراوح بين 10% وتصل إلى 50%، وتتجاوز حاجز الـ 100% في حالة الصين، واستهدفت الدول التي سجل الميزان التجاري الأمريكي معها عجزاً تجارياً، من بينها دول أوروبية ودول عربية وإسرائيل، في خُطوة يعتقد ترامب أنها سوف تنعكس إيجابياً على تعزيز الاقتصاد الأمريكي، وضمن استراتيجية أمريكية أوسع لتصحيح مسار ذلك الاقتصاد ومعالجة اختلاله. مع ذلك أحدثت التعريفات أزمة في الاقتصاد العالمي هي الأسوأ منذ الأزمة المالية عام 2008، وسط مخاوف من أن تُطلق تلك التعريفات حرباً تجارية، خاصة بين الصين والولايات المتحدة، قد تؤدي إلى نتائج اقتصادية يصعب عكسها أو تصحيح مسارها.
قراءة في التعريفات الجمركية الأمريكية
دخلت التعريفات الجمركية حيز التنفيذ في 9 أبريل، وهي الأكبر في زيادتها منذ أن أقر قانون التعرفة الجمركية الأمريكي المعروف باسم "سموت-هاولي" عام 1930، وقد وصف الرئيس الأمريكي تلك التعريفات بأنها "تبادلية"، بالنظر إلى أن جميع دول العالم تمتلك تعريفاتها الجمركية وحواجزها التجارية الخاصة، لكنها في الأساس تستند على الميزان التجاري الأمريكي مع دول العالم، والذي بلغ أواخر العام 2024، حوالي 100 مليار دولار، وقد تم حسابها وفق مُعادلة (العجز مقسوماً على الواردات الأمريكية وبحد أدنى 10%). وبذلك جاءت حزمة التعريفات الأخيرة، متباينة في قيمتها بين الدول.
فمن جهة احتلت الصين القيمة الأعلى من تلك التعريفات بواقع 34% لحظة إعلانها، قبل أن ترتفع إلى 104% في 8 مارس 2025، تليها ليسوتو بواقع 50%، وثُم كمبوديا بواقع 49%، ومدغشقر بواقع 47%، وفيتنام بواقع 46%.
وشملت التعريفات حلفاء الولايات المتحدة وشركائها التجاريين، منهم الاتحاد الأوروبي بواقع 20%، واليابان بواقع 24%، والهند بواقع 26%، وكوريا الجنوبية بواقع 25%، وإسرائيل بواقع 17%.
وطالت العديد من الدول العربية التي شملت مصر بواقع 10%، وسوريا بواقع 41%، والجزائر 30% ودول الخليج 10% والأردن 20%، بينما أعفي منها 4 دول تخضع لعقوبات أمريكية، وهي روسيا وبيلاروسيا وكوبا وكوريا الشمالية، وقد أشارت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت، إلا أنّ استثناء روسيا من ذلك جاء بسبب إعاقة التجارة بين البلدين بفعل العقوبات الأمريكية، حيث انخفض حجم التجارة بينهما في عام 2024 إلى قرابة 3.5 مليار دولار؛ جراء الحرب الروسية الأوكرانية، بينما سبق وأن بلغ 36 مليار دولار عام 2021.
وفي الواقع؛ يُمكن قراءة التعريفات الجمركية من ثلاثة جوانب رئيسة كالآتي:
أولاً: تعكس حاجة الولايات المتحدة إلى مزيد من الأموال لمعالجة صعوباتها الاقتصادية والتي تتفاقم منذ سنوات، رغم أنها خطوة يُراد منها تحقيق الربح وجني العوائد، والتي تُقدر بحوالي 3.1 تريليون دولار خلال عشر سنوات من تطبيقها، فيما يُشير الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن تلك التعريفات قد "تُحقق أكثر من تريليون دولار خلال العام المقبل". لكن جرى تقديمها باعتبارها خطة منهجية لتحسين واقع الاقتصاد الأمريكي، إذ ربط وزير التجارة الأمريكي هوارد لوتنيك أثناء مقابلته مع شبكة (سي أن أن) ما بين التعريفات ورؤية ترامب الأوسع لتنشيط الاقتصاد وإصلاحه. ومن جهة أخرى تهدف تلك التعريفات إلى تحصيل المزيد من الأموال التي سوف تُسهم في معالجة الاختلالات الاقتصادية وفي مقدمتها تقليص الدين الوطني، بالإضافة إلى تنشيط الاستهلاك الأمريكي وتشجيع الصناعة الأمريكية، وبما يؤدي إلى تعافي العجلة الاقتصادية وزيادة معدلات التوظيف وارتفاع إيرادات الدولة من الضرائب.
ثانياً: تأتي لمعاقبة الدول الأخرى على سياستها الاقتصادية غير العادلة أو الاستغلالية وفقاً له، ويُنظر لها باعتبارها حقاً مشروعاً للولايات المتحدة، خاصة وأن النظام المالي العالمي ومؤسساته عجز عن تحقيق العدالة الاقتصادية بين الدول، ومحاسبة الدول الأخرى مثل الصين على التلاعب والتدخل بسعر صرف عملتها، أو تجاه التهم بشأن سرقة البيانات التجارية والملكية الفكرية والتكنولوجيا الأمريكية، بالإضافة إلى تأثير كل ذلك على الاقتصاد الأمريكي، حيث تُشير دراسة بعنوان "صدمة الصين: التعلم من تكيف السوق مع التغيرات التجارية الكبيرة"، بأن تدفق السلع الصينية الرخيصة إلى الأسواق العالمية والأمريكية قد ساهم خلال الفترة (1999-2011) إلى فقدان حوالي مليون وظيفة في قطاع التصنيع، وقُرابة مليوني وظيفة في مجمل الاقتصاد الأمريكي. وفي الوقت نفسه؛ يُفترض بالتعريفات الجمركية أن تقوّض النمو الاقتصادي الصيني، وتدفعه من الاعتماد على التصدير كمحرك للنمو الاقتصادي، إلى تعزيز الاستهلاك المحلي داخلها، وهي معضلة بالنظر إلى الانخفاض المُستمر في الاستهلاك المحلي، حيث انخفض بنسبة (0.7%) في فبراير 2025 مقارنة بالعام الماضي، وقد استبقت الصين ذلك بأن أطلق مجلس الدولة في 17 مارس 2025 خطة لتعزيز الاستهلاك المحلي.
ثالثاً: ترتبط بالنهج الأوسع لرؤية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الحمائية، التي تعتبر جزءاً لا يتجزأ من مبدأ "أمريكا أولاً"، وشعار حملته الانتخابية خلال ثلاث دورات انتخابية "لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى". حيث يرى ترامب استغلالاً للاقتصاد الأمريكي في إطار العولمة وحرية العلاقات التجارية؛ لذا فإن فرضه للرسوم سيقلل من الاعتمادات الأمريكية على الأسواق العالمية لصالح تعزيز سوقها المحلي. ذلك إلى جانب هدف ممارسة الضغط على الصين والاتحاد الأوروبي لزيادة تحقيق مصالح الولايات المتحدة في المفاوضات معهم حول الاتفاقيات والتعاملات التجارية، وضمان ما يعتبره ترامب "عدالة" في ذلك. ففي يناير 2025، وصف الاتحاد الأوروبي بأنه "سيء للغاية معنا". كما أكد في فبراير 2025 بأنه: "إذا لم نتوصل إلى اتفاق مع الصين، فستكون التعريفات الجمركية ضخمة للغاية".
سياق التعريفات الجمركية الأمريكية
تعتبر التعريفات الجمركية الأكبر من حيث الزيادة، إلا أنها ليست الأولى من نوعها التي يتخذها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فمنذ تنصيبه رئيساً لدورة ثانية غير متتالية، عمل على فرض مجموعة من التعريفات على كندا والمكسيك والصين، كالآتي:
1- مطلع فبراير وقع ترامب على ثلاثة أوامر تنفيذية لفرض رسوم جمركية على كندا والمكسيك بنسبة 25%، ورسوم أخرى على الصين بنسبة 10%، والتي دخل بعضها حيز التنفيذ في فبراير ومارس التالي، فيما عُلّق بعضها وتم شموله في رسوم أبريل 2025.
2- في 10 فبراير ألغى ترامب الاستثناءات الجمركية على جميع واردات الصلب والألومنيوم، والتي دخلت حيز التنفيذ في 12 مارس وأدت إلى ارتفاع التعريفات الجمركية على جميع واردات الصلب والألمنيوم من 10% إلى 25%.
3- في 13 فبراير أصدر ترامب امراً رئاسياً للرد على أي دول تفرض رسوماً على البضائع الأمريكية، أو تمارس سياسات اقتصادية غير عادلة.
4- في 24 مارس 2025، وقع ترامب أمرًا تنفيذيًا يفرض رسومًا بنسبة 25٪ على جميع الواردات من أي دولة تستورد النفط من فنزويلا.
5- في 3 أبريل 2025 فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على جميع السيارات المستوردة. وأعلن في 8 أبريل عن نيته في فرض رسوم كبيرة على واردات الأدوية لتشجيع الشركات على نقل وإعادة توطين إنتاجها لصناعة الأدوية.
من جهة أخرى؛ تندرج التعريفات الجمركية ضمن سياق طويل من التصعيد التجاري بدأته الولايات المتحدة خلال إدارة ترامب الأولى (2017-2021)، ففي يناير 2018، فرضت واشنطن رسوماً جمركية بنسبة 30% على الألواح الشمسية و50% على الغسالات المستوردة، ثم في مارس 2018 فرضت رسوم بنسبة 25% على واردات الصلب و10% على الألمنيوم. وفي مارس 2020؛ فرضت رسوماً جمركية بنسبة 25% على بضائع أوروبية من بينها المشروبات الروحية ومنتجات الأجبان والزيتون، وفي الفترة نفسها رفعت التعريفات الجمركية على طائرات إيرباص الفرنسية من 10% إلى 15%. كما فرضت واشنطن رسوماً جمركية على عدد من البضائع الصينية، ففي مارس 2018 فرضت إدارة ترامب رسوماً جمركية بنسبة 25% على واردات الصلب الصينية و10% على واردات الألومنيوم، وفي يوليو فرضت التعريفات على بضائع صينية بقيمة 34 مليار دولار، ثم فرضت ذاتها على واردات إضافية في أغسطس 2018 بقيمة 16 مليار دولار، بينما في سبتمبر من العام نفسه فرضت رسوم بنسبة 10% على بضائع صينية بقيمة 200 مليار وارتفعت في أواخر ذلك العام إلى نسبة 25%. وفي مايو 2019، ورفعت واشنطن التعريفات من 10% إلى 25% على 200 مليار دولار من السلع الصينية. ثم في أغسطس 2020، أعلنت الإدارة الأمريكية عن فرض رسوم جمركية بواقع 10% على بعض من منتجات الألومنيوم الواردة من كندا.
الصدمة وإن حدث التعافي
تُركز العديد من القراءات والتحليلات على ما بعد مرحلة الصدمة، وحول استمرارها أو صمود الاقتصاد الأمريكي والعالمي في مواجهة تلك التعريفات الجمركية، مع ذلك؛ لا تقتصر صدمة التعريفات الجمركية على حركة الأموال والتجارة الدولية، بل طالت الأساس الذي قامت عليه الحركة الاقتصادية الرأسمالية ومرتكزاتها مثل حرية التجارة والعولمة وغيرها، والعلاقات الاقتصادية بين الدول لا سيما الشريكة منها.
ورغم أن هدف ترامب من خلال التعريفات هو جلب الدول للتفاوض مع الولايات المتحدة للوصول إلى حلول يراها "عدالة"، لكن الدول الأخرى ترى في ذلك التفاوض قسرياً، وبشكل لم تعتد عليه من قبل خاصة في إدارة الشؤون الاقتصادية، ومن هذا المنطلق فإن قرار ترامب تعليق الرسوم على الدول التي لا ترد برسوم انتقامية لمدة 90 يوماً والذي أصدره في 9 أبريل 2025، يمنح تلك الدول فرصة للتعاطي مع الصدمة، لكنه لا يزيل عنها طابع التفاوض القسري، وقد جاءت أساساً لضبط الاضطراب الشديد الذي طال الأسواق المالية العالمية والأمريكية، وقد بدا أن ترامب نفسه يعترف بالمخاوف، قائلاً: "أكره أن أتوقع أشياء مثل هذه، هناك فترة انتقالية لأن ما نقوم به كبير للغاية، نحن نعيد الثروة إلى أمريكا، هذا أمر كبير"؛ ففي 8 أبريل انخفض مؤشر "ستاندرد آند بورز "500 حوالي 1.6% تقريباً، بخسارة تقارب 6 تريليون دولار من قيمته السوقية، وانخفض مؤشر Dow Jones الصناعي بنسبة 0.8%. كما انخفض سعر النفط الأمريكي "وست تكساس" بقيمة أكثر من دولارين ليصل إلى 58.45 دولار للبرميل الواحد. بينما في الأسواق الأسيوية، انخفض مؤشر نيكاي 225 الياباني بنسبة 1.7% في 9 أبريل، وانخفض مؤشر كوسبي في كوريا الجنوبية بنسبة 1.3 في المئة وانخفض مؤشر هانغ سنغ في هونج كونج بنسبة 1%. وفي الأسواق العربية مثلاً؛ انخفض المؤشر الرئيس للبورصة المصرية "إيجي إكس 30" بنسبة بلغت 3.34% في 7 أبريل، وانخفض مؤشر بورصة قطر بنسبة 0.35%، وتراجع المؤشر العام السعودي بنسبة 1.82% في 9 أبريل.
وهذا الاتجاه بحد ذاته سوف يخلق مجموعة مباشرة وغير مباشرة من الأزمات والارتدادات كما يلي:
أولاً: مخاوف ركود الاقتصاد الأمريكي
في حين يُدافع ترامب عن ذلك الانخفاض ويعتبر تلك الصدمة متوقعة وما هي إلا مسألة مؤقتة قبل التعافي من جديد، مع ذلك فإن المخاوف حول ما قد يلحق بالاقتصاد الأمريكي على المدى القريب والمتوسط قائمة بل ومتوقعة، إذ رجح الرئيس التنفيذي لبنك "جي بي مورغان تشيس" جيمي ديمون، حدوث ركود اقتصادي، ويبدو أن الإدارة الأمريكية تتوقع مواجهة ركوداً اقتصادياً، فقد أشار وزير التجارة هوارد لوتنيك إلى أنّ التعريفات الجمركية "تستحق العناء" وإن أدت إلى ركود اقتصادي، ومن الواضح أنّ الرئيس الأمريكي يعول على نتائج المفاوضات مع الدول، إذ أعلن البيت الأبيض أنّ 70 دولة بدأت تتفاوض مع واشنطن حول التعريفات.
ثالثاً: ظهور معارضة داخل الإدارة
أبدى عدد من أفراد إدارة ترامب ومستشاريه قلقهم من تأثير الحرب التجارية والتعريفات الجمركية على الاقتصاد الأمريكي، إذ انتقد إيلون ماسك التعريفات الجمركية، وطالب ترامب بالتراجع عنها، ويشمل ذلك القلق نخبة المال والأعمال الأمريكية لا سيما المؤيدين منهم لترامب، الذين يعتقدون وفقاً لصحيفة "واشنطن بوست" أنّ الزيادة في التعريفات مرتفعة.
رابعا: إطلاق حرب تجارية عالمية
بالرغم من قرار ترامب تعليق الرسوم على الدول التي لا ترد بتعريفات انتقامية، إلا أن العلاقات الاقتصادية الأمريكية-الصينية دخلت مرحلة شديدة التوتر، فقد ردت بكين بفرض رسوم جمركية مساوية على الواردات الأمريكية، ليرفع ترامب التعريفات المفروضة على الصين من 34% إلى 104%، وقد ردت الصين على ذلك بفرض رسوم بلغت 84%، وردت كندا في 8 أبريل بتطبيق رسوم جمركية مضادة على بعض المركبات أمريكية الصنع بنسبة 25%. ويزداد المشهد تعقيداً، إذا ما سار الاتحاد الأوروبي في ركب الصين، وقرر فرض إجراءات مضادة ضد التعريفات الأمريكية ضده، خاصة في ظل وجود مقترح بفرض رسوم على الواردات الأمريكية بنسبة 25%، يحظى بموافقة دول الاتحاد الأوروبي بهذا الشأن، حيث أكد رئيس مفوض التجارة في الاتحاد الأوروبي ماروش شيفتشوفيتش، بأن الاتحاد يعتزم فرض تدابير مضادة ضد التعريفات الجمركية الأمريكية، فيما حذرت رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني من حرب تجارية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
خامساً: تحييد المنظمات الأممية الاقتصادية
أضعفت التعريفات الجمركية الأمريكية من أدوار المنظمات الأمنية المعنية بالاقتصاد والتجارة العالميين، لا سيما منظمة التجارة العالمية والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، خاصة وأن ترامب يتهم تلك المنظمات بأنها عامل مُساهم في صعود الصين ونموها الاقتصادي، وبأنها غضت الطرف عن الممارسات الاقتصادية غير العادلة للصين من قبيل النقل القسري للتكنولوجيا والملكية الفكرية والتلاعب في العملة، وفي مارس 2023 أنهت واشنطن التزاماتها المالية مع منظمة التجارة العالمية.
سادساً: واقع جديد للتكتلات الغربية:
تضع التعريفات الجمركية واقعاً جديداً أمام التكتلات الغربية سواء العسكرية مثل حلف الناتو، أو الاقتصادية مثل مجموعة الدول السبع، فقد اعتاد قادة الدول الغربية لتنسيق مواقفهم في الشؤون العسكرية والاقتصادية عبر تلك القنوات، إلا أن الاتجاه الأحادي لترامب بات يُلقي تبعات ويترتب عنه تداعيات على الدول الشريكة للولايات المتحدة، حيث تتوقع الاقتصادات الأوروبية احتمالية حدوث أثر سلبي ناتج عن التعريفات، وسط مخاوف من تباطؤ حاد في النمو الاقتصادي لأوروبا.
وأخيراً؛ يبدو أنّ هُناك فجوة ما بين تصورات الإدارة الأمريكية والواقع الذي نتج بعد فرض التعريفات الجمركية، وأنّ مسار الاقتصاد الأمريكي والعالمي والعلاقات التجارية قد تخرج عن السيطرة وبشكل يصعب تصويبه، وبالرغم من تجميد التعريفات على الدول التي لا ترد برسوم انتقامية، إلا أن تمسك الولايات المتحدة والصين بسياسات اقتصادية انتقامية لا يزال قائماً، وهذا بحد ذاته قد تدخل الاقتصاد العالمي في نفق مُظلم، وتضعه أمام سيناريوهات قاتمة.

ستراتيجيكس
فريق تحليل السياسات