الإسلاموفوبيا وتحول المسلمين أعداًء لأنفسهم!
شكلت أحداث الحادي عشر من سبتمبر وما تلاها من الحملات الإعلامية والسياسية التي تربط الإرهاب بالإسلام إلى زيادة الفجوة بين الثقافتين الغربية والإسلامية، فنتج عنها ظاهرة الإسلاموفوبيا، والتي تعمقت بشكل يستدعي الحديث معه لبحث فرص المواءمة بين الدين الإسلامي والقيم الغربية والتعاون بين المرجعيات الدينية الكبرى؛ وتفعيل الحوار الحضاري بين الأديان والثقافات، كسبيل باتجاه التطبيع الإنساني بين الشرق والغرب.
الكاتب حسن إسميك
- الناشر – المصري اليوم
- تاريخ النشر – ٣٠/٠١/٢٠٢٢
حتى تاريخ 11 أيلول 2001 لم يكن الإسلام بالنسبة إلى المجتمع الغربي عموماً إلاّ مكوناً ثقافياً وافداً، لا يختلف كثيراً عن غيره من الديانات أو الأقليات الوافدة، مع وجود قسم كبير من أبناء ذلك المجتمع ممن لا يعلمون عن الإسلام إلا النزر القليل. ولم يكن لمصطلحات كـ "الإسلاموفوبيا" رواجٌ في الأوساط الإعلامية والسياسية. لكن دمار برجين عملاقين وسط الولايات المتحدة الأمريكية خلال دقائق، بعمل إرهابي منظم ودقيق، كان كفيلاً بإسقاط مرحلة تاريخية كاملة من العلاقات الإنسانية بين الإسلام والغرب، ستحتاج لترميمها وقتاً أطول بكثير مما احتاجه بناء البرجين من جديد؛ هذا إذا افترضنا حقاً أن العالم يريد "بجديّة" أن يرمم هذه العلاقة، وأن الجهود التي تبذل لتحقيق هذا الهدف كافية وصحيحة.
كانت الدراسات الأكاديمية حتى سبعينات القرن العشرين تركز بمجملها على مسألة الاندماج الاقتصادي للمهاجرين المسلمين في أوروبا، ثم اكتسب الأمر أبعاداً سياسية وثقافية فعّالة ومعتبرة. لكنّ أحداث الحادي عشر من أيلول وما تلاها من حملة إعلامية وسياسية، أودت إلى ربط الإرهاب بالإسلام بعد تبني تنظيم القاعدة الراديكالي المتشدد لتلك الهجمات، وأزاحت الستار عن فجوة أخذت بالاتساع بين الثقافة الغربية وأتباع الدين الإسلامي من المهاجرين أو أبنائهم الذين وُلدوا وعاشوا في الغرب، فظهرت فوبيا الإسلام واتسعت، ونتج عن ذلك طرفان "متربصان"، يدفع الخوف بكل منهما إلى رفض الآخر وإقصائه، فهذا يعتبر ذاك إرهابياً أو في أحسن الأحوال مشروع إرهابي، بينما يقابله الآخر بالتقوقع والانزواء ضمن مجتمعات ضيقة، أو بالتشدد والانجرار فعلاً نحو الحركات المتطرفة.
لا يمكن بأي شكل تجاهل يد السياسة في هذه الحالة، فهي وإن لم تكن مسؤولة عن صنع "حالة التربص" هذه، إلا أنها وظفتها منذ اللحظات الأولى في تطبيق عملي لنظرية "إدارة الرعب" التي تدفع بالإنسان الخائف للتعصب لثقافته الخاصة، ومناصبَة الآخرين "المختلفين" العداء، كما تجعله مجرد بيدق بأيدي الزعماء يحركونه كما يحلوا لهم. ولقد سمحت ظاهرة "الخوف من الإسلام" بتبرير إجراءات صارمة فُرضت على بعض المواطنين بزعم تشكيلهم خطراً على المجتمع، كما حصل حين وضعت الولايات المتحدة الأمريكية ما عُرف بـ "القانون الوطني" عقب أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر، وفرضت القيود على عدد كبير من المسلمين من مختلف أنحاء العالم فحرمتهم من فرص التعليم والعمل والعلاج على أراضيها.
لقد أدت هذه الإجراءات الحكومية، والتي ترافقت معها حملات إعلامية موجهة قادتها أغلب وسائل الإعلام في حينه، وبالغت في تعميم أحكامها على كافة المسلمين وفي جميع أنحاء العالم دون استثناء، وفي تكريس صورة نمطية تربط الإسلام بالإرهاب ربطاً عضوياً، أدى ذلك كله إلى تعزيز ظاهرة الإسلاموفوبيا بشكل كبير لدى الغرب. وفي الحقيقة لم تكن غايات هذه الحملات واحدة لدى الجميع، فقد ركّزت بعض أطرافها على الاستثمار السياسي لتحقيق أهداف الاتجاهات اليمينية الغربية المتطرفة، سواء العرقية/ القومية منها أو الدينية، بينما انساقت أطراف أخرى إلى السير مع التيار المتصاعد والمدفوع بقلق المجتمعات الغربية واختلال شعور الأمان لديها بعد أحداث برجي التجارة العالمية، وما تلاه من أعمال إرهابية أخرى متفرقة في عدة عواصم ومدن أوروبية.
وقد أثبتت إحصائية أعدها مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي آنذاك، تسجيل أكثر من 1452 حال اعتداء وخطاب كراهية ضد المسلمين خلال الأيام القليلة الأولى بعد التفجيرين، ثم انخفضت بشكل كبير في العام التالي، لكنها لم تكن موجودة في الغرب قبل 2001 بحسب ما يؤكد الباحث الأمريكي المصري الأصل توفيق حميد من أن «كراهية الإسلام لم تكن موجودة بهذا الشكل والدليل أنه لم يكن هناك أي قيود على دخول ملايين السلمين كمهاجرين خلال النصف الثاني من القرن العشرين، كما أن انتشار آلاف المساجد والمكتبات الإسلامية في بلاد الغرب دليل آخر على عدم وجود كراهية متأصلة لدى تلك البلدان ضد المسلمين».
إنّ ما أريد قوله، وأتفق فيه مع الباحث، أن المسلمين القاطنين في الغرب يتحملون بأنفسهم جانباً من المسؤولية عن تفشي ظاهرة الخوف من الإسلام، فكثيرٌ منهم لم يتمكن من الفصل بين الديني والسياسي، وبقيَ ولائهم لجماعات تدعيّ تمثيلهم وحمايتهم كالأخوان المسلمين وحزب التحرير والجماعات السلفية (الجهادية وغير الجهادية) التي صارت تروج لـ "أسلمة أوروبا"، مستغلة قوانين تلك البلدان التي منحتها مناخاً من الحرية مكّنها من إقامة مؤسسات اقتصادية وتعليمية وثقافية ودينية، ومن الاستحواذ على منابر الجاليات المسلمة والتحدّث باسمها، وتشكيل وعيها السياسي والديني والثقافي عبر خطاب أيديولوجي مدروس.
حالَ هذا الخطاب المؤدلج دون اندماج كثير من المسلمين في المجتمعات التي يقيمون فيها، وأدى بكثير من أبناء الجاليات للعيش في شبه معازل نفسية وثقافية عن البيئات التي تحتضنهم، ليترسخ لدى الغرب أن تدين هذه الجاليات يتعارض مع قيم الحداثة والليبرالية والعلمانية الغربية، كما استغل قادة هذه الجاليات التمييز الذي تعرَّض له البعض للتدليل على صدق ادعاءاتهم بمعاداة الغرب للإسلام.
ثم رويداً رويداً، تحولت ظاهرة الإسلاموفوبيا في فرنسا وبريطانيا وأمريكا وبلدان أخرى، إلى ورقة ضغط في الحملات السياسية الانتخابية من قبل أحزاب اليمين المتطرف، خاصة خلال العقد الأول من القرن الحالي، ثم أُعيد إحياؤها بشكل واضح خلال الحملات الانتخابية الأمريكية منتصف العقد الماضي، والتي تفسر بشكل كبير عودة انتشار هذه الظاهرة بعد عام 2016 بعد استلام ترامب للحكم في أمريكا وبالتزامن مع تنامي التنظيمات الإرهابية المسلّحة مثل داعش وجبهة النصرة، وتمكنها من تجنيد عدد كبير من شباب مسلمي أوروبا، الذين يعانون من أزمة هوية وانتماء، ومن التهميش في أحيان كثيرة على اعتبار أنهم أقلية، في الوقت الذي مكنهم التطور في شبكات التواصل الاجتماعي من الوقوف على الأحداث في أماكن بعيدة عن أماكن إقامتهم، فأعادت هذه الشبكات ربطهم بقضايا بلدانهم الأصلية من خلال خطاب تحريضي سبراني، لم يعد أصحابه بحاجة لمنابر المساجد وتعرّيض أنفسهم للملاحقة حتى يستقطبوا من خلاله عقول هؤلاء الشباب خدمة لمصالحهم.
بالمقابل.. تتحدث تقارير عديدة مثلاً عن نشاط جماعة الأخوان المسلمون في أوروبا، فقد استغلت الجماعة، وبعض الحكومات والدول الداعمة لها، مرونة القوانين وحرية التعبير في الغرب، وأنشأت مراكز إسلامية تجني من وراءها أرباحاً طائلة، في الوقت الذي صورت فيه تلك الدول نفسها كمدافعة عن قضايا المسلمين، لتدفع بالفجوة نحو مزيد من العمق، وبهؤلاء المهاجرين نحو مزيد من الاغتراب ورفض الاندماج في مجتمعات البلدان التي يعيشون فيها ويخضعون لنظامها.
وبالطبع لم تقف أوروبا متفرجة أمام نشاط الحركة فاتخذت عدداً من الإجراءات التي تستهدف تشديد الرقابة على أنشطتها وعلى الجهات والمؤسسات التابعة لها، لكن أياً من هذه الدول لم يصل إلى حظر الجماعة نهائياً، كما أن هذه الإجراءات جاءت فردية وليست ضمن نطاق تحرك أوروبي مشترك، وقد أثارت انتباهي توصية أشار إليها مجموعة من الكتّاب والباحثين في كتاب عنوانه: "جماعة الإخوان المسلمين في أوروبا: استراتيجية التغلغل، وأدوات التمويل، وإجراءات المواجهة"، إذ تؤكد هذه التوصية على ضرورة محاصرة مصادر تمويل الجماعة وتجفيفها كخطوة لدرء خطرها.
ورغم أهمية ذلك أعتقد أن إجراءات أخرى يمكن اتباعها لمنع هذا الاستقطاب المتطرف، إذ ليس العنف إلا انعكاس لاختلال العلاقة بين الثقافتين الإسلامية والغربية، ثم سرعان ما يتنامى على أرضية إحجام بعض المسلمين عن الالتزام بمواطنية تلك البلدان، والانكفاء على ذواتهم داخل مكوناتهم الإثنية/الدينية التي ينتمون إليها، الأمر الذي يسمح باستغلال أوضاعهم من قبل المتطرفين من كلا الجانبين.
لذلك.. يجب قبل كل شيء التسليم بأن مفهوم الاندماج لا يعني الذوبان والانصهار في ثقافة الآخر أو شخصيته، بل هو تبادل ثقافي وإنساني مستمر بين مكونات جميع الحضارات، قوامه الرئيس تقديم أفضل ما لدى الإنسان في سبيل العيش المشترك وبناء حياة مستقرة آمنة على قاعدة الاحترام. والمسلمون الغربيون معنيون اليوم قبل غيرهم بهذا الطرح، إذ تحتم المرحلة التي وصلنا إليها بذل الجهد باستمرار لإظهار الإسلام بصورته الحقيقية، بعيداً عن حالة التقوقع والانغلاق التي لن تزيد الصورة إلا قتامة، والتي سيتحول بسببها مسلمو الغرب إلى أشد الأعداء لأنفسهم، عندما يسمحون للآخرين ببناء تصوراتهم الخاصة المغلوطة عن الإسلام، والتي تعمل جهات إعلامية وسياسية على تشكيلها وتظهيرها وفق أهواء مموليها ومصالحهم، وهي تصورات لا تتناسب في الغالب مع مصالح المسلمين في الدول الغربية.
ومع أني أدرك صعوبة أن يتخلى العالم عن مفاهيمه ومصطلحاته السياسية كمفهوم "الأقلية" و"الأكثرية"، لكني أؤمن أن التفاعل الإنساني سيثبت دائماً أنه قادر على تجاوز الاختلاف، خاصة واني لمست في زيارات كثيرة للغرب أن نسبة من يعادون الإسلام بين المواطنين قليلة جداً، وأن إنشاء علاقات ودية معهم ليس بالأمر الصعب، فحين تعيش في بلد وتحترم أهله وقوانينه وتصل مرحلة الإحساس بالمواطنة الحقيقية فيه، سيكون بناء العلاقات الإنسانية حينها أكثر سهولة وأعظم نفعاً للجميع.
كما أن المواءمة بين الدين الإسلامي والقيم الغربية ليست بالمسألة الصعبة، إذ تعكس أغلب هذه القيم، وبشهادة المسلمين أنفسهم، روح الإسلام وجوهره، خاصة ما يتعلق بحقوق الإنسان وحريته، وتكريس مبدأ المساواة أمام القانون والعدالة بين الجميع، والدعوة إلى قبول الآخر والحوار بالحسنى، وتغليب السلام والتراحم، ونبذ العنف والاقصاء، وتجريم كل ما يسيء للكرامة الإنسانية. ولذلك فالمطلوب بالضرورة تجديد الخطاب الديني من قبل مؤسسات موثوقة في مواجهة الفكر المتطرف، كمؤسسة جامع الأزهر الذي سبق ودعوت في مقالات نشرتها لأن يكون له تواجد فاعل ودائم كمرجعية في جميع البلدان الأوروبية وفي القارة الأمريكية أيضاً، فاعتماد بعثات دائمة للأزهر، كفيل إلى حد كبير بنبذ العنف والتطرف الذي باتت تعاني منه هذه الدول أيضاً منذ سنوات، والدعوة هنا إلى الاقتداء بالمرجعية المسيحية الأساسية المتمثلة بالسلطة البابوية حين أدركت أهمية دور الأزهر وتأثيره.
كما أن هذا التعاون بين المرجعيات الدينية الكبرى يطرح مسألتين مهمتين في طريق الوصول إلى جعل الأزهر مرجعية إسلامية عالمية:
تتعلق الأولى بتمويل مؤسسة الأزهر ودعمها مالياً بحيث يكون لها ميزانية خاصة بها مستقلة ومكتفية بذاتها، فما تزال الدولة المصرية وحدها حتى اليوم تتحمل نفقات الأزهر، فبمقارنة بسيطة مع الإمكانيات الوفيرة التي يتمتع بها الفاتيكان واعتماده عليها لترسيخ سلطته الدينية الروحية في العالم، نجد أن من واجب العالم الإسلامي دعم هذه المؤسسة الأقرب إلى صورة الإسلام الحقيقي بكافة الوسائل؛ وإن من شأن ذلك دعم الدور العلمي والديني للأزهر، وبالتالي تدعيم وجوده كمرجعية معتدلة تسعى لأن تجمع المسلمين على كلمة حق، وتعيد بناء الوعي الإسلامي بالاستناد إلى دين يهتم بالإنسان وحياته ونموه وتطوره.
أما المسألة الثانية، فتتعلق بجعل الأزهر مؤسسة دينية سيادية مستقلة بالإطلاق، وخارج الضغوطات والتقلبات السياسية العربية والإسلامية، ومن ثم تناقش فكرة تمثيل دبلوماسي مستقلّ للأزهر، بحيث يتم تعيين سفير للأزهر في كل دولة، يكون مرجعاً للجالية المسلمة ويعمل على الرد بشكل صحيح وموثوق على أي استفسار يرد من حكومات تلك الدول حول مسائل الدين الإسلامي أو أوضاع المسلمين من الناحية الدينية، وتُعدّ تجربة السفارات البابوية نموذجاً مُشجعاً في هذا السياق.
كما يتطلب تحقيق ذلك أن يقوم الأزهر بزيادة كلياته الشرعية في دول العالم الغربيّ والشرقيّ، فتكون منارة لتدريب وتخريج أبناء الأمة في كل مكان، وتؤهلهم ليسهموا في نشر التوعية المبنيّة على تقبلّ الآخر المستندة إلى روح الدين الإسلامي، وهو مطلب ملّح في ظلّ موجات التشدد وانتشار التفسيرات الخاطئة لأحكام القرآن والأحاديث النبوية الشريفة، والتي تُسيء إلى ديننا الحنيف كما جاء به الرسول محمد صلى الله عليه وسلّم، وتشكلّ أساس ظهور المنظمات الإرهابية التي تدّعي أنها تُعلي راية الإسلام وهي بعيدة عنه كلّ البعد. كما أنّه يساعد على الوقوف في وجه جهات سياسية تعمل على استغلال عواطف المسلمين ونشر الأيديولوجيا التي تبث روح الفتنة لتحقيق مآربها.
وحيث أن العصر الحالي يوصف بأنه عصر التكتلات الكبرى، فإن من شأن اجتماع المسلمين على كلمة واحدة موِّحدة معتدلة إكسابهم قوة سياسية واقتصادية وإنسانية، ولن يصبح ذلك ممكناً دون وجود مؤسسة مرجعية تحظى بالثقة والقبول، تأخذ على عاتقها عبء الدفاع عن القضايا الإسلامية والعربية على بساط من التسامح والعدالة والسلام، بعيداً عن العنف وخلق المزيد من الأعداء وتشويه صورة الدين الحقيقية، واعتقد أن ألف عام من الحضور والفاعلية يُعدّ رصيداً كافياً لمؤسسة عريقة كالأزهر لتكون المرجعية المرجوّة.
وأعتقد أن تحقيق ذلك يتطلب أولاً اتفاق المؤسسات الإسلامية جميعها – رغم مشاربها المتعددة - على تبني نهج الأزهر ورؤاه فيما يخص قضايا الفكر الإسلامي المعاصر ومشكلاته، وخصوصاً العلاقة مع الغرب والموقف من الديمقراطية ومحاربة الإرهاب. كما يتطلب أيضاً أن تُعلن الحكومات العربية والإسلامية دعمها لهذا النهج والتزامها بفلسفته، الأمر الذي سيؤدي إلى تدعيم مشروعية المؤسسة الأزهرية كممثل عالمي للفكر الإسلامي المعاصر، وبالتالي شريك موثوق لدى الجهات الغربية الراغبة بحل مشكلة الإسلاموفوبيا، والمشكلات الأخرى المرتبطة بالمكون الإسلامي في المجتمعات الغربية، بعيداً عن سياسات الإقصاء والتضييق والعنف والاستغلال السياسي.
كما يتطلب التقارب تفعيل الحوار الحضاري بين الأديان والثقافات في كل مكان وفي كل مناسبة، ورفض العنصرية والإثنية والجهوية مع الحفاظ على تنوع الهويات ضمن إطار إنساني جامع يهدف إلى سلام دائم. ويمكن لنا في هذا الصدد اعتبار "وثيقة الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك" التي وقعها الأب فرانسيس بابا الفاتيكان والدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر عام 2019 في أبو ظبي، خطوة مهمة في تفعيل هذا الحوار الحضاري، ووثيقة مرجعية يمكن البناء عليها مستقبلاً باتجاه التطبيع الإنساني بين الشرق والغرب.
أخيراً.. لا أعتقد أنه ثمة سلاح يمكن إشهاره في وجه الإسلاموفوبيا ودعاة الاستشراق الجديد وأصحاب الفكر المتطرف أفضل من إظهار حقيقة ديننا للآخرين، ولن يحدث ذلك إذا بقي المسلمون في الغرب بعيدين عن المجتمعات التي يعيشون فيها، وبعيدين عن تقبلّ الاختلاف والتنوع، ومتمسكين بوهم امتلاك الحقيقة المطلقة بشكل يودي بالإنسانية دائماً إلى صراعات لا تنتهي.
حسن إسميك
رئيس مجلس أمناء STRATEGIECS